ما فعلناه في 1948

غزة

غي بخور

هل يمكن أن نتعلم من سنة 1948 شيئا عن سنة 2014؟ كان يوجد آنذاك كما هي الحال الآن حدث كارثي لـ «الفلسطينيين» – برغم أنهم لم يكونوا يسمون هكذا في ذلك الحين – ومن المؤكد أن سنة واحدة تدل على أختها.

في 1948 كان يقصد عرب ارض اسرائيل القضاء على الوجود اليهودي في البلاد كما فعلت داعش الآن بالمسيحيين واليزيديين في المنطقة، دون أية رحمة – أي التطهير العرقي الكامل. بيد أنه لم يخطر ببال عرب البلاد أن مهمتهم ستفشل. ولاجل الابادة طُلب اليهم أن يخلوا البلاد بصورة مؤقتة للجيوش العربية التي اجتاحت الداخل آنذاك كي يكون ذبح اليهود سهلا وبلا تشويش، وبعد ذلك يعودون ويتقاسمون الغنيمة بينهم. وهكذا دهش اليهود في ارض اسرائيل حينما رأوا جيرانهم العرب يستيقظون ذات يوم ويغادرون كشخص واحد وطلبوا اليهم البقاء وقالوا لهم «سنحميكم»، لكن العرب ضحكوا فقط وبينوا أن الجيوش العربية تنوي القضاء على اليهود جميعا وحينها من المؤكد أنهم سيعودون. وقالوا لهم ايضا إنهم قد تقاسموا بينهم بيوت اليهود ونساءهم.

وفشلت المؤامرة وبقي للفلسطينيين أن يصرخوا بالنكبة في أنحاء العالم. لأن مقصدهم على كل حال أن يسجلوا لأنفسهم نصرا إما في المستوى العسكري وإما بارتفاع الصراخ أنهم هُزموا ليحظوا بنصر «معنوي»، في حال الهزيمة.

وتكرر السيناريو نفسه بالضبط في سنة 2014 ايضا، فقد كان الفلسطينيون يقصدون مرة اخرى الى تنفيذ ذبح لليهود وقضاء عليهم بآلاف القذائف الصاروخية التي أعدوها وجمعوها في قطاع غزة. ورأوا بغرورهم الكبير مئات البيوت لاسرائيليين تُهدم واليهود يُقتلون ويهربون أو أنهم يركعون متوسلين كما توقع أجدادهم أن يحدث في 1948. ولم يحدث منذ كانت الحرب العالمية الثانية سيناريو اطلاق آلاف القذائف الصاروخية والصواريخ على مدن مسكونة باكتظاظ كما حدث هنا.

بيد أن ذلك لم يحدث بل حدث العكس، فقد دُمرت بيوتهم وممتلكاتهم وخربت في قطاع غزة وارتد تآمرهم عليهم. ولم يخطر ببال الفلسطينيين المغرورين في هذه المرة ايضا امكانية الفشل فقد كانوا واثقين جدا بانتصارهم المتوقع الذي هو ثمرة الخطابة الذاتية التي انساقوا وراءها كالأسرى. ولأنهم خسروا من جهة عسكرية بقي كالعادة أن يصرخوا في كل اتجاه أنه نُفذت فيهم «مذبحة شعب». فهم الذين أرادوا تنفيذ مذبحة شعب يتهمون الضحايا كما حدث في 1948 بالضبط.

وهكذا لم تتوقف جيلا بعد جيل سلسلة التوق الى القضاء على اليهود، لكن اسرائيل واليهود يزدادون قوة جيلا بعد جيل ويمضي الفلسطينيون الى الخراب والجلاء. وكما لم يوجه أي فلسطيني آنذاك الدعاوى على قادته الذين جلبوا عليه كارثة كان هذا هو ما حدث في هذه المرة ايضا. فالقيادة المتطرفة تحظى بالهتاف والحماسة وكأنها انتصرت ولم تزرع الخراب الذاتي والانتحار.

وعلى ذلك سنجري نحن حساب النفس عنهم قبيل يوم غفراننا، أعني الضحايا عن مُدبري المؤامرات، وأبطال النقد الذاتي عن اولئك الذين لا ينتقدون أنفسهم ألبتة، فنقول إنه ليس من المجدي الاستمرار في طريق هذه النية وهي القضاء على اسرائيل لأن كل نية كهذه ترتد على المخططين لها سواء أكانت هبة ارهابية جديدة أو مؤامرة جديدة في الامم المتحدة أو حيلة دبلوماسية ما، فلماذا لا تتعلمون مع كل ذلك شيئا من الماضي البعيد أو القريب؟ أليس يمكن أن يكون هذا هو مستقبلكم؟.

 

يديعوت