الرئيس الأمريكي أيضا لا يفهم غير لغة القوة

الرئيس الأمريكي

شموئيل روزنر

رئيس وزراء اسرائيل ليس الاول الذي يجد أوجه شبه بين منظمات ارهابية مثل حماس، المنظمات التي تنتشر في المناطق حيث تسود الفوضى، مثل داعش، المنظمات التي تأكل الدول من الداخل، مثل حزب الله، ودولا ارهابية مثل ايران. ادارة اوباما، مثلما اوضح الناطقون بلسانها، لا تستطيب التشبيه بين داعش وحماس. هنري كيسنجر، حسب كتابه الجديد «نظام عالمي» يقبله بالذات. هو ايضا، مثل نتنياهو، يلاحظ جبهة اسلامية متطرفة يوجد فيها شيعة وسنة، منظمات ودول. كل هؤلاء، في نظره، «يمثلون النقيض التام» للسعي نحو النظام العالمي. وكيسنجر، قبل ان يصبح عجوزا واعيا، فضل النظام دوما.

ذهب نتنياهو امس الى لقاء مع الرئيس اوباما كي يعرض عليه ايضا معادلة التشبيه بين داعش وايران. في خطابه في الامم المتحدة قال ان الانتصار على داعش والذي سيسمح لايران بمواصلة التقدم في برنامجها النووي، يشبه الانتصار في المعركة وخسارة الحرب. ولكن لنتنياهو توجد مشكلة، والتي ايضا هي مشكلة اسرائيل: حيث فقد قوته على الاقناع.

ولاسباب متنوعة، بعضها تعود له، وبعضها تخرج عن نطاق سيطرته، ليس له تأثير على اوباما. لا بالكلام، لا بالمنطق. ومن أجل دفع اوباما الى عمل الشيء الصحيح – أي مواصلة القتال ضد ايران وكأنه لا يوجد داعش، والقتال ضد داعش وكأنه لا توجد ايران ـ يحتاج نتنياهو الى أكثر من الحجة الجيدة. يحتاج الى روافع التأثير. يحتاج الى روافع الضغط.

لقد كان لاسرائيل تكتيك ناجح في السنوات الاولى لاوباما في الحكم، دفع هذا التكتيك الامريكيين الى تشديد العقوبات ضد ايران والحصار السياسي عليها. لم يكن هذا تكتيك اقناع، بل كان تكتيك ضغط. في كل مرة كان يخيل فيها أن الادارة الامريكية لا تتقدم بتصميم كافٍ، كان بنيامين نتنياهو وايهود باراك يلبسان بدلة التهديدات، ويلمحان بان قيادة اسرائيل توشك على الهجوم. وقد استخدما ادوات متنوعة لحمل الامريكيين على الافتراض، لفترة معينة على الاقل، بان تهديد الهجوم جدي. وصحيح أن هذا كان فعلا قاسيا بعض الشيء، وليس رقيقا حقا، ولكنه ناجع. تماما مثل اسرائيل، ومثل معظم باقي العالم، فان ادارة اوباما ايضا لا تفهم سوى لغة القوة.

يبدو ان هذه القوة فقدت نجاعتها، مثلما يمكن لنا أن نأخذ الانطباع ايضا من خطاب نتنياهو في الامم المتحدة. صحيح ان رئيس الوزراء واصل الشرح، الاقناع، بان ايران خطيرة بقدر لا يقل، وربما أكثر، من جهة متطرفة اخرى. ولكنه لا بد أن يكون اقنع جمهوره في الوطن. غير أن ليس للجمهور في الوطن الوسائل لصد ايران. اما لدى اوباما فتوجد، ولكن يبدو أن لديه ايضا سلم اولويات يستوجب الامتناع عن استخدام هذه الوسائل.

ما الذي يريده بالضبط؟ لا شك أنه يريد ان يهزم داعش. ربما بمساعدة ايران. ولا شك انه غير معني بان تجتاز ايران الحافة النووية. ولا شك انه يريد الامتناع عن المواجهة بالقوة مع ايران.

السؤال هو ما الذي يريده اكثر. في محيط نتنياهو هناك اشتباه ـ اشتباه معقول بان اوباما يريد الانتصار على داعش، ويريد أن ينقل مشكلة ايران الى خلفه أو خليفته في المنصب، بعد أكثر بقليل من سنتين. بمعنى، ان اوباما لا يعمل كي يهزم ايران ويوقف برنامجها النووي، بل يجر الارجل كي لا يتورط ـ من جهة بان لا تسجل ايران نووية على اسمه، ومن جهة اخرى لا تسجل مواجهة عسكرية مع ايران.

اذا كان هذا ما يريده اوباما، فان حجج اوباما لا تقنعه، فهو يفهمها جيدا منذ الان، ولكن ليس فيها ما يكفي من القوة كي تحركه للعمل. اذا كان هذا ما يريده اوباما، فلدى نتنياهو خياران: إما أن يتعين عليه أن يستعد للواقع الجديد، والذي يواصل تشبيهه بصعود النازية الى الحكم في المانيا. او أن يتعين عليه أن يجند وسائل اقناع أخرى جديدة، كي يهز سلم الاولويات الامريكي. بدلة التهديدات اهترأت على ما يبدو. وهكذا فان نتنياهو لا يحتاج الى خطاب، بل يحتاج الى جاكيت.

معاريف الاسبوع