ضُربت حماس لكن ليس بالقدر الكافي

ضُربت حماس

تسفيكا فوغل

إن الاتفاق على الهدنة الذي تم احرازه يُحدث وهما خطيرا عند اولئك الذين يؤمنون بأنه يشتمل على احتمال هدوء لسنوات كثيرة، وهو أخطر على من يؤمن بأن الهدنة ستنشيء احتمالا مجددا لتحقيق الفصل بيننا وبين الفلسطينيين تحت عنوان دولتين للشعبين.

إن الهدنة في هذا الوقت تشبه الاعتراف بفشل المعركة العسكرية في احراز حسم عسكري، وهي توقيع المستوى السياسي على وثيقة الاعتراف بحق حماس في الاستقلال. فالحديث عن اتفاق لا يهب الأمن لسكان دولة اسرائيل الذين سيضطرون في رأيي الى أن يواجهوا في المستقبل انفجارات القذائف الصاروخية والمخربين المنتحرين، وسكان الجنوب الذين سيظلون يعيشون في خوف من تهديد الارهاب القاسي الموجود في قطاع غزة. إن الهدنة الآن هي ضربة تحت الحزام لكل الفلسطينيين المعتدلين الذين بقوا في يهودا والسامرة، فلم يكن يجوز لحكومة اسرائيل أن تستجيب للاقتراح ولا يهم من هو المقترح وما هو الاغراء.

إن الضغط الذي استعمله الجيش الاسرائيلي في الايام الاخيرة أحدث أفضل فرصة للتعبير عن الابداع وعن التصميم وعن شجاعة المقاتلين والقادة في الوحدات الميدانية في الاستعداد لعملية برية لازالة التهديد المستمر من قطاع غزة. وأنا اؤمن بأن العمليات المبالغ فيها فقط والخروج من صندوق التفكير العادي يمكن أن يفضي بنا الى مستقبل ذي أفق لحياة معتادة سليمة. تتميز عملية الجرف الصامد بسلسلة اضاعة فرص وانجرارات وهدن لا داعي لها. وسيطر على هذه المعركة بلا اعتراض مستشارون ومحللون مستقبل الدولة أقل أهمية من مستقبلهم.

إن الاتفاق الذي دخل أمس حيز التنفيذ جزء من ذلك المسار الخاطيء لاتخاذ القرارات الذي يصدر عن الفرض الأساسي وهو أن حماس لا يمكن أن تُهزم وأن أبو مازن قادر على تحمل مسؤولية عن قطاع غزة وأن منعة الجبهة الداخلية وقوة اعتراض القبة الحديدية قادرتان على الانتصار على حماس. وقد أصبح الدفاع والتحصين والفضاء الآمن العنصر الحاسم في الحرب لحماس، وهي كل العناصر التي لم تنتصر في حرب قط.

أصيبت حماس في خلال خمسين يوما اصابات قاسية لكن ينبغي ألا نوهم أنفسنا، فلم تصب منها اصابة قوية تلك العناصر التي ستبعثها حية في المستقبل غير البعيد. إن أكثر العمود الفقري لقيادتها، ومراكز العلم بصناعة الوسائل القتالية وأنفاق التهريب والملاجيء المحصنة لغرف العمليات وبناها التحتية الاستخبارية لم تُضرب بالدرجة نفسها. وفتح المعابر وادخال السلع وتحويل الاموال ستفضي الى أن تهب ريح جديدة في أشرعة العقيدة الفتاكة التي لا تعترف بحقنا في العيش هنا. والذي يعتقد أن السلطة الفلسطينية تستطيع أن تسيطر على قطاع غزة وأن تراقب مرور السلع وأن تتحقق من أن الاموال المحولة تخصص للحاجات الانسانية فقط، يبدو أنه لا يعلم أن العملاء الذين أعدمتهم حماس خلال عملية الجرف الصامد كانوا من رجال أبو مازن. والذي يحلم بغزة التي تديرها السلطة الفلسطينية نسي أن «الشباك» أحبط قبل ايام معدودة فقط تنظيما لحماس كان يُعد سرا انقلاب على أبو مازن، فلحماس خطة تم تأجيلها وقتا ما.

أرى أن الهدنة لن تبقى زمنا طويلا، فحينما يتبين لحماس أن اسرائيل لا تنوي أن تُمكنها من انشاء ميناء ومطار ستُعد للجولة التالية التي لم نعرف كيف نمنعها في هذا الوقت، وعلينا حتى ذلك الحين أن نستعد بتصميم من نوع جديد. فعلينا أن نكف عن النظر الى الخلف وأن نجلد أنفسنا بسوط الاتهام الذاتي الذي نحب استعماله كثيرا. وحان الوقت لنستدخل في أنفسنا أن حماس والجهاد وحزب الله والقاعدة وداعش هي نتاج مسار اسلامي متطرف لا مسار عجزنا. ويجوز لنا أن ننظر في بياض عين الواقع وأن نقول إن أبو مازن شريك سيء لن يُحجم في بدلته وبفرقعته للسانه عن أن يطعننا بسكين في الظهر في الامم المتحدة والمحكمة الجنائية في لاهاي. ولا توجد دولة في التاريخ الحالي حاربت ارهابا تُصرفه حركة حاكمة تختبيء وراء النساء والاولاد. فسنضطر الى أن نكون أول من يفعل ذلك. وكل ما علينا أن نستدخله في نفوسنا هو الايمان بأن الطريقة الوحيدة للانتصار على قتلة عقائديين هي القضاء عليهم.

 

اسرائيل اليوم