ينجح الجيش في غزة ويهاجمونه في القدس

الاحتلال

يوآف ليمور

رغم أن ساحة القتال الاساس انتقلت أمس بشكل رسمي وكامل الى الساحة السياسية، فان المعركة في غزة لم تنتهه بعد ويحتمل أن نرى غير قليل من الدراما الى أن يتحقق الهدوء – من مزيد من التصفيات وحتى محاولات حماس تنفيذ عملية كبيرة تعطيها انجازا هاما قبل لحظة من صافرة النهاية.

في هذه الاثناء سجل الانجاز الاهم أمس في الجانب الاسرائيلي: تصفية كبار رجال الذراع العسكري رائد العطار ومحمد ابو شمالة لم تكن فقط نجاحا استخباريا هاما بل ضربة حقيقية لمركز الاعصاب القيادي لحماس. بعد يوم فقط من الهجوم على منزل محمد ضيف – الذي تكثر في الجانب الاسرائيلي التقديرات بانه قتل – تنجح اسرائيل في شل فعالية اثنين من ستة قادة الالوية التنفيذية للمنظمة وتشدد الضغط عليها للوصول الى تفاهمات تنهي القتال.

الطريق الى هناك تمر، صحيح حتى يوم أمس، في محورين محتملين: الاول دولي، بقيادة الولايات المتحدة واوروبا، والذي يفترض أن يجلب قرارا من مجلس الامن لوقف النار وتفاهمات على ترميم وتجريد القطاع؛ والثاني، مصري، يفترض أن يجلب اتفاقا مشابها بين الطرفين نفسيهما. في اسرائيل يفضلون المسار المصري، ولكن لم يعثر بعد على الطريق لجسر نقاط الخلاف الاساس – معارضة اسرائيل للميناء والمطار، ومعارضة حماس للتجريد.

الايام القريبة ستكون حرجة في الطريق الى الترتيبات. فالى جانب نتائج لقاء عباس – مشعل في قطر والنشاط المتزايد من جانب الدول الغربية ومصر، سيجد الطرفان صعوبة في تجاهل الاصوات في الميدان: طلب سكان الجنوب الهدوء والامن والطلب الموازي لسكان غزة لترتيب يضمن هدوء طويل الامد.

فرضية العمل في اسرائيل هي أن المحادثات ستستأنف في غضون بضعة ايام، وحتى ذلك الحين سيواصل الطرفان القتال في محاولة لتحقيق المزيد من الانجازات قبل لحظة من صافرة النهاية: الجيش الاسرائيلي سيركز على المعركة الجوية وسيحاول «صيد» بضعة كبار آخرين من حماس كي يشدد الضربة العسكرية والمعنوية للمنظمة، وحماس ستحاول اصدار عملية كبرى، ربما عبر نفق – كي تنتقم لتصفية مسؤوليها وتثبت بانها لا تزال تؤدي دورها العملياتي.

الى جانب ذلك، ستتعاظم عندنا على اية حال حروب اليهود. والضحية الدورية هو رئيس الاركان غانتس، المتهم من «اعضاء المجلس الوزاري» بالنتائج الهزيلة للمعركة. فالاقتراحات التي اقترحها كما زعم، كانت «نحيفة» عن قصد: فقد عظم الانجازات وضخم المخاطر، وكل شيء كي يضمن بان يعود الى بيته بسلام.

الادعاءات قاسية، ثقيلة الوزن، وهي بالتأكيد تحتاج الى فحص. وفقط بعد ان يترسب الغبار سيتبين اذا كانت حماس قد تضررت بالفعل بشدة مثلما يدعي الجيش الاسرائيلي، ام جزئيا فقط مثلما يدعي منتقديه. فانجازات المعركة على اية حال، لن تفحص في هذا المنشور، بل بمقياس آخر (هو معامل مباشر للانجازات): المدة الزمنية التي يسود فيها الهدوء في الجنوب.

مع كل الاهمية للموضوع العملياتي، فهذا ليس القصة. فقد علق غانتس في حرب سياسية يتعرض فيها للنار بين المعسكرين: نتنياهو ويعلون مقابل ليبرمان وبينيت. واداؤه في المعركة أقل اهمية لانه يشكل فيها الخلفية، الوسيلة. اذا حنى الرأس فسيكون الامر الوحيد المهم حقا – ثقة الجمهور به وبالجيش الاسرائيلي. واذا ما نجحت الحرب السياسية لا سمح الله في شق هذا العنصر الحرج، فسيكون ممكنا اغلاق المصلحة هنا والذهاب الى البيت.

غانتس يفهم هذا، ولهذا فانه يبتلع ريقه ويسكت. حتى بثمن اهانته وكرامته. معقول أن في التحقيقات الداخلية سيصف اخفاقاته، وكانت كهذه. يمكن التقدير بان أيا من الوزراء الذين ينتقدونه لن يتصرف بشكل مباشر. وانتقادهم سيبقى يتيما، مغفلا، مسربا بتلاعبات. واذا ما تحقق في نهاية المطاف فحص للتسريبات، فانه سيتناول المسألة المشوقة: هل الوزير يعتبر مخالفا حتى اذا كان سرب اكاذيب عن جلسة سرية؟

الحاجز الاساس الذي يقف في هذه اللحظة في وجه مثل هذا التحقيق هو المستشار القانوني للحكومة. والسبب: «كرامة الكابنيت». وبكلمات أقل غسلا – الخوف من الفضح على الملأ وجه من الذين سربوا في زمن الحرب. يحتمل أن يكون فينشتاين محقا؛ فاذا ما بدأ تحقيق سيتبين بان ليس في الكابنيت الكثير من الكرامة الذاتية والاحترام للقواعد. ويحتمل أن يكون مخطئا؛ فمع كل الاحترام لكرامة المنتخبين، فان كرامة الديمقراطية أهم.

 

اسرائيل اليوم