الجرف الصامد 2؟

العدوان على غزة

إذا ما قيض للجيش الإسرائيلي أن ينفذ مرة اخرى خطوة برية فلا بد أن يبدأ بكسر عقيدة حماس من اللحظة الأولى

بقلم: أودي سمحوني

تقترب المواجهة في الجنوب أغلب الظن من تطور جديد، جولة اخرى ربما تقف على الابواب والسؤال هو مَن مِن الطرفين سيعرف كيف يستخلص الدروس من الجولة السابقة على نحو صحيح وأسرع، او بتعبير آخر: كيف يمكن للجيش الاسرائيلي، اذا تطلب الامر منه ذلك، أن يؤدي هذه المرة الى حسم واضح وحاد ومرغوب سريع، حسم تضرب البطن الطرية لحماس منذ اللحظة الاولى وتشوش تماما منظوماتها المرتبة.

كثيرون وطيبون اعتقدوا بان قدرة الردع الاسرائيلية استعيدت عقب الدمار والخراب الناشيء في غزة، ولكن الواقع يصفعهم على الوجه. يبدو أنه خلافا لتقديرات الخبراء، فان حماس لا تتأخر اكثر مما ينبغي بعدد المصابين المدنيين وبالدمار، بل وربما لفهمها فان هذا الوضع يخدمها. الجنوب بعيد عن الهدوء، ونوصي سكانه بان يؤخروا قليلا عودتهم الى الديار.

يطرح السؤال، اذا كانت تنشأ امام ناظرينا مواجهة اخرى، فكيف ستبدو. الاستنتاج واضح: على الجيش الاسرائيلي أن يجلب نتيجة اخرى، ويجدر به أن يختار لهذا الغرض استراتيجية اخرى. اما المزيد من ذات الشيء فلن يكفي، والسؤال هو كيف عمل ذلك.

هناك اعتقاد مغلوط يطرح على مدى كل الحملة في أن الحسم الواضح معناه احتلال كامل لقطاع غزة وتطهير بيت إثر بيت، ولكن ليس هذا هو الوضع. توجد بدائل اخرى. على الضربة لحماس أن تأتي من خطوة عسكرية جريئة تختلف تماما عن سابقتها، خطوة تكسر التعادل، ضربة في وعي أصحاب القرار، اجتياز قناة حرب يوم الغفران.

محظور على الجيش الاسرائيلي أن ينجر مرة اخرى الى هجوم جبهوي ضد منظومات حماس المتقدمة التي اعدت لزمن طويل مسبق، إذ بذلك يخدمها ويسمح لها بان تدير المعركة حسب السيناريوهات التي اعدتها تفصيليا، وفي ميدانها البيتي حماس هي التي تقرر قواعد اللعب. في الجولة السابقة دفعنا باصابات عديدة ثمن بطاقة الدخول الى المناسبة. نفذت خطوة تحطيم القشرة القاسية في جبهة المناطق المأهولة، ولكن بعد تنفيذ هذه المرحلة القاسية، توجد الجيش ولم يحقق النجاح – حركة سريعة نحو البطن الطرية لحماس في عمق غزة – مما سمح لحماس بان تنتعش وتبادر.

هذه المرة، اذا ما قيض للجيش الاسرائيلي أن ينفذ مرة اخرى خطوة برية، فيجدر به ان يبدأها بخطوة عميقة وذكية من النوع الذي يكسر عقيدة حماس من اللحظة الاولى. في كل حرب انتصر فيها الجيش الاسرائيلي في الماضي اخذت مخاطر محسوبة، نفذت خطوت استثنائية اخرجت العدو عن توازنه، شوشت له خططه المسبقة مما ادى بقادته الى أن يفهموا بان المنظومة بكاملها في خطر الانهيار وانهم شخصيا في خطر ملموس على حياتهم.

في الجولة الاولى أظهرت الوحدات المقاتلة شجاعة جمة ولكن هذه لا تكفي. لا مفر من الاستنتاج بان الاستراتيجية الشاملة في الحملة كانت محافظة أكثر مما ينبغي، متوقعة أكثر مما ينبغي، بطيئة أكثر مما ينبغي. الجيش الاسرائيلي ليس مبنيا لحرب خندقية ثابتة، له فضائل نسبية واضحة يجب أن تجد تعبيرها في المعركة – منظومات النار الدقيقة، الدبابات الحديثة والمحصنة، السيطرة الجوية الكاملة. ما ينقص لربط كل هذا في خطوة حاسمة وكسر التعادل هو الخدعة العنوان المعروف على حائط المدرسة العسكرية رقم 1 – «وبالخدعة تجعل لك حربا» – ليس شعارا، هذه استراتيجية.

يديعوت 

 

حرره: 
م.م