حذارِ يا إسرائيل

دمار غزة

الفخر بالحرب والجيش لا يمكن أن يغطي على الدمار الذي لحق بغزة

بقلم: جدعون ليفي

تحاول فرقة الانشاد الوطنية الآن تزوير نصر. وهي تزور ايضا هزيمة حماس مع عدم وجود انجازات كثيرة. وقد زورت قبل ذلك «وحدة الشعب» و»ثباته الصلب»، وزورت بالطبع بطولة الجيش الاسرائيلي واخلاقيته. وهي تزور كل رشقات الانتقاد من العالم باعتبارها معادية للسامية. هكذا هي فرقة الانشاد الوطنية، إنها فرقة التزوير.
قال قائد المنطقة الجنوبي سامي ترجمان، وهو أحد قادة الحرب القاسية: «قهر مقاتلونا العدو». وكتب إلي رجل اعمال اسرائيلي ردا على ذلك من نيويورك: «قهرت ريال مدريد فريق سخنين». أهي منظمة ارهاب أم جيش مقاتلين جريئين؟ غيرت فرقة الانشاد تعريفاتها.
ينافس المحللون بعضهم بعضا في أيهم أكثر حديثا عن انسحاق حماس – لكن الحقيقة تختلف تمام الاختلاف. إن قادتها الذين يفترض أن يخرجوا الآن من الملاجيء تحت الارض ليروا الدمار الذي زرعته اسرائيل وليرفعوا العلم الابيض، يخرجون في الحقيقة الى غزة مختلفة. وسيُقدم أكثر حساب الخراب الى اسرائيل التي ستضطر الى تغطيته. وليس الحديث فقط عن موجة التشهير بها في الرأي العام العالمي بل عن جيل آخر من أبناء غزة سيحفظ الى الأبد ذكرى القتل والدمار المزعزع وينشأ على كراهية فظيعة (محقة). فهل هو انتصار اسرائيلي؟ نشك في ذلك كثيرا.
طمست فرقة الانشاد الوطنية حقيقة أن طلب حماس خروج الجيش الاسرائيلي من القطاع شرطا للهدنة قد قُبل. وهي تتجاهل ايضا أن اسرائيل أصبحت مستعدة فجأة بعد الحرب للتباحث مع ممثلي الوحدة الفلسطينية، أفليس ذلك انجازا لحماس؟ وتسخر الفرقة الآن من طلب المنظمة ميناءا ومطارا. ومن المؤسف جدا أن غزة لن تحصل كما يبدو على طلبها (المحق والصحيح) لكن هل يُسخر من ذلك؟ وتسخر فرقة الانشاد ايضا من الوزيرة البريطانية التي استقالت بسبب موقف حكومتها – «ما الذي يدعوها الى الاستقالة، فهم الذين بدأوا»، قالت مقدمة برامج في تلفاز ما بحماقة وأوضح المحللون أنه كانت هناك اسباب اخرى لاستقالتها، وهكذا تزور فرقة الانشاد موقف العالم.
وتزور فرقة الانشاد ايضا الثبات الصلب للجبهة الداخلية ووحدة الشعب. وُجدت في الحقيقة مظاهر تكافل مدهشة لكنه اذا وُجدت وحدة فهي شدة الوطء والعدوان والشعور القومي والتحريض، ويمكن أن نشك ايضا في مقدار ثبات الجبهة الداخلية. ويحسن ألا نفكر فيما كان سيحدث لو لم توجد للجبهة الداخلية قبة حديدية تحميها. وحسن أن كان ذلك بالطبع، لكنه لم يوجد هنا امتحان حقيقي. فقد فكرت اسرائيل في أن تتضعضع بسبب يوم واحد من نصف حصار لمطار بن غوريون، وهذا ليس ثباتا.
إن مظاهر الحب والاحتضان للجنود ايضا – مهما تكن مؤثرة ومتفهمة وأصيلة – تطمس الصورة. إن اسرائيل مليئة بلافتات واعلانات تقول إن الشعب يحب جنوده ويفخر بهم، ولا يوجد ما نقول في الحب. لكن هل الفخر هو الشعور (الوحيد) الذي يثيره الجيش الاسرائيلي الآن حقا؟ وبماذا ينبغي الفخر بالضبط؟ كانت المنظومات الدفاعية مدهشة لكن هل النصر العسكري على منظمة عصابات مع ضرب منفلت من عقاله تقريبا للسكان المدنيين، يمكن أن يعتبر انتصارا عسكريا مدهشا؟ وهل هو مصدر للفخر؟.
كانت في الحرب مظاهر بطولة وتضحية كثيرة لكن الجيش الاسرائيلي لم يورث اسرائيل الفخر فقط بل هو بعيد عن ذلك. ولا يمكن أن ننسى في نهاية الحرب أن جنود الجيش الاسرائيلي الذين تحب اسرائيل جدا أن تحبهم هم الذين زرعوا الدمار والقتل في غزة. إن الطيارين ورجال المدرعات ورجال المدافع وجنود المشاة ليسوا هم الذين قرروا الحرب، لكن قادتهم صاغوا صورتها وكانوا هم منفذيها.
هل «نحييكم» و»شكرا للمقاتلين الابطال»، كما صرخت العناوين الصحافية أمس؟ نعم و لا. شكرا على التضحية والبطولة ولا شكر على القتل والدمار البربريين اللذين زرعتموهما. إن نحوا من 1900 قتيل، منهم نحو من 700 من الأطفال والنساء، ونحوا من 10 آلاف جريح، و30 ألف بيت أصيبت ونحوا من نصف مليون لاجيء اصبح اكثرهم بلا مأوى الآن – ليست أرقام فخر بل هي أرقام عار، ويوجد مسؤولون عنها ولا تستطيع فرقة الانشاد تزويرها.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م