رؤوس قاسية

الانتفاضة الثالثة

احتمالات انتفاضة ثالثة تتعاظم في غياب تسوية سياسية بعيدة المدى

بقلم: يوسي ميلمان

ليس لدى المصريين شيء ملح بالنسبة لحماس. فلديهم ما يكفي من مشاكل في الداخل: وضع اقتصادي صعب، كل يوم تقريبا يقتل جنود وشرطة في احداث على الحدود السائبة مع ليبيا التي تتدهور الى حالة صومالية وفي سيناء تعمل منظمات ارهابية على نمط القاعدة. ولا غرو أن انصات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحماس ليس شديدا.
ما يقوله مسؤولو المخابرات المصرية لمندوبي حماس في المحادثات على «الترتيب» في غزة يسمح وكأنه مأخوذ من فيلم «العراب»: «نحن نوشك على أن نعرض عليكم عرضا لا يمكنكم ان ترفضوه. أولا اقبلوا فورا وبلا شروط مسبقة وقف النار لـ 72 ساعة على الاقل وبعد ذلك، مع كل الاحترام والعطف من جانبنا على وضعكم. نتحدث».
في بداية الحرب رفضت حماس الاقتراح الذي لم يكن ممكنا رفضه. وفي يوم الجمعة الماضي قبلته ظاهرا وعندها انتهكته في الحادثة في رفح. في أعقاب ذلك انطلقت اسرائيل الى حملة تدمير وثأر أدت الى 130 قتيلا آخر في رفح نفسها، وأعلنت عن عدم تعاونها مع الترتيب والتوجه الى خطوة احادية الجانب.
وها هي مرت منذئذ أربعة ايام ومرة اخرى يوجد احساس بالصورة المتكررة. في القاهرة تتواصل في وقت كتابة هذه السطور المحادثات مع الوفد الفلسطيني الموحد برئاسة رجال السلطة، مندوبي حماس والجهاد الاسلامي، وربما هذه الليلة، كما تأتي تلميحات من العاصمة المصرية سيعلن مرة اخرى عن وقف للنار، على أمل أن هذه المرة سيحترم.
هكذا هي الحال في الشرق الاوسط. لدى الناس يعتقدون بان ما لا يأتي بالقوة يأتي بقوة أكبر.
وبعد ذلك فقط، بتأخير لا داعي له ومؤسف من مئات القتلى يتحقق الفهم. زعماء حماس، الذين ضربوا بشدة وتسببوا بكارثة انسانية، يفهمون على ما يبدو بان لا مفر لهم وأن ليس لهم من يعتمدون عليه سوى مصر التي لا يحبهم زعماؤها حقا، هذا على أقل تقدير.
عندنا ايضا بدأ يتسلل الاعتراف بان اسرائيل شريكة في المصيبة الانسانية: 1.800 قتيل، نحو 10 الاف جريح، نحو 400 ألف لاجئ على مساحة نحو 500 كيلو متر مربع، نحو 3.500 منزل دمر بالقصف، مستشفيات تنهار تحت العبء (لنقص الادوية والعتاد الطبي) ومحطة كهرباء متعطلة.
صحيح، اسرائيل تساعد. طواقم من شركة الكهرباء تصلح خطوط التوتر. 1.850 شاحنة غذاء ووقود عبرت كل يوم من اسرائيل الى القطاع. ولكن هذا متأخر جدا. اسرائيل تفقد ثقة العالم. الولايات المتحدة غاضبة، الامين العام للامم المتحدة يستجدي، وزير الخارجية الفرنسي يتحدث حتى بحدة اكبر. كان ينبغي لاسرائيل أن تكون أكثر حذرا وأكثر ضباطا للنفس.
في كل الاحوال، تفجير 31 نفقا – الهدف المعلن للحرب – استكمل. والجيش الاسرائيلي يواصل اخلاء القوات والانتشار في منطقة فاصلة ضيقة داخل القطاع، وبالتوازي يصلح الجدار الحدودي.
وبعد أن يتحقق في القاهرة التفاهم على اتفاق لوقف النار، يدخل حيز التنفيذ هذا الصباح، سيخرج الى مصر وفد اسرائيلي الى المحادثات على تسوية طويلة المدى.
موقف المجلس الوزاري هو أن اعادة بناء غزة ورفع الحصار سيتاحان مقابل التجريد من السلاح، المشكوك في أن يتحقق. وحتى ضابط كبير للغاية في الجيش الاسرائيلي يشكك في ذلك.
على حكومة اسرائيل أن تفهم – ويوجد فيها منذ الان وزراء يفهمون – بانه بدون تسوية سياسية بعيدة المدى مع السلطة الفلسطينية، فان احتمالات انتفاضة ثالثة تتعاظم. احداث امس في القدس هي مجرد تلميح أولي لما سيأتي في حالة الفراغ السياسي.
الى الرؤوس (القاسية) لبعض من وزراء المجلس الوزاري يجب أن يتسلل الاعتراف بان أبو مازن ليس المشكلة، ويحتمل أن يكون الحل للطريق المسدود. زعيم فلسطيني معتدل لن نحصل على أفضل منه.

معاريف

 

حرره: 
م.م