حملة «الجرف القوي» ليست الحل

القسام

بقلم: ايتان هابر

بعيون منتفخة جراء ليال بلا نوم وبآلام عضلات جراء السير السريع نحو المجالات الآمنة المحمية، يسأل اليوم نحو مليون من سكان جنوب دولة اسرائيل وملايين في أرجاء الدولة: حسنا، ماذا ستكون النهاية؟

الكل ينتظر بشائر طيبة، مواساة وسلوان، ولكن في أعماق قلوبهم يعرفون بانه بعد حملة الجرف القوي، سيأتي لاحقا، إن لم يكن غدا فبعد غد، «جرف 2» و «جرف 3» وهكذا دواليك.

فهل يتذكر القراء متى كانت حملة «عمود السحاب» في غزة؟ قبل خمس سنوات؟ عشر؟ لا ولا – في تشرين الثاني 2012. بمعنى، قبل سنتين. وحملة «الرصاص المصبوب»؟ قبل سنوات جيل ربما؟ وبالفعل، «الرصاص المصبوب» وقعت في شباط 2008. في حينه ايضا «حطمنا البنى التحتية للارهاب»، وفي حينه أيضا خرجنا «لضرب سيطرة حماس».

في «عمود السحاب» هاجمنا 1.500 هدف ارهابي، وفي «الرصاص المصبوب» ادعى الفلسطينيون وقوع 1.200 قتيل من بينهم. وبين هذا وذاك قتلنا مطلوبين في احباطات مركزة ناجحة، كشفنا انفاق، دمرنا «بنى تحتية ارهابية»، وها نحن هذه الايام عدنا الى نقطة البداية. مرة اخرى «صافرة انذار»، مرة اخرى تحوم طائرات سلاح الجو في سماء قطاع غزة، ومرة اخرى نرافق جنود الجيش الاسرائيلي بالصلاة. عودوا بسلام.

الموقع أعلاه يفترض، دون معلومات مرتبة، بان ترددات القيادة السياسية والعسكرية قبل حملة «الجرف القوي» نبعت وتنبع ايضا من الاسباب التي كتبت هنا. رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الاركان يعرفون بانه حتى لو ضرب الجيش الاسرائيلي حماس الان بشدة، فبعد سنة – سنتين سيكونون مطالبين هم أو خلفاءهم بأن يأمروا قوات الجيش بالدخول مرة اخرى الى قطاع غزة «لسحق البنى التحتية للارهاب» و «ضرب سيطرة حماس» أو كل منظمة ارهابية اخرى ستقوم حتى ذلك الحين. وهلمجرا.

على هذه الخلفية فقط فان أصحاب القرار جديرون بالثناء عندما يتعذبون قبل أن يسارعوا الى المعركة. وخلافا للقادة في الماضي، الذين كان بينهم ايضا ذوو تجربة عسكرية غنية في ماضيهم، يترددون، ويفحصون، ويراجعون، ويتلبثون.

من تجربة الماضي، ولا سيما من تجارب آخرين في حروب اسرائيل، يعرفون بان القادة المترددين أفضل من اولئك الذين يحطمون الرأس بهتافات فرح الحرب وبالحائط. إذ بعد هتافات الفرح تأتي الدموع والاسئلة العسيرة.

يوجد في اسرائيل اليوم ايضا شخصيات سياسية وعسكرية كبار (ولا سيما سابقون) لا يزالون يعيشون في اليوم السابع لحرب الايام الستة. فقد كان النصر العسكري في حينه عظيما لدرجة أن القادة الكبار في الجيش ممن وقفوا على شواطيء قناة السويس لم يفهموا ولم يصدقوا ما يروه: اسبوع – اسبوعان بعد الهزيمة المهينة في تلك الحرب فتح الجيش المصري المهزوم نار اللظى على جنود الجيش وقتلهم. كيف حصل هذا؟ سألوا متفاجئين. والى ان صحوا دفع الجيش بدم غالٍ.

من هنا الهتافات التي يطلقها هؤلاء الاشخاص وغيرهم – للتدمير، للقضاء، للسحق، للهدم، للاحتلال مرة اخرى لقطاع غزة وسحق البنى التحتية للارهاب. ولكن ماذا سيحصل في اليوم التالية؟

في القرن الواحد والعشرين تغيرت الصورة السياسية والامنية تماما. نحن نعيش في جزيرة محوطة بمحيط معاد يريد القضاء علينا، تلك «الفيلا في الغابة» التي تحدث عنها في حينه ايهود باراك.

نحن نحتاج هنا الى زعماء ملائمين مع روح العصر. زعماء يفهمون بانه لا توجد حرب واحدة تنهي كل الحروب. زعماء يعرفون بانه في معظم الحالات لا توجد اليوم ضربة قاضية في نتائج الحرب.

لعل فيها اشواق لنتائج حرب الايام الستة، ولكن مثل هذه الحرب لن تعود. جيوش اكبر من الجيش الاسرائيلي تنهي في هذه الايام حروبا في أرجاء العالم مع علامات استفهام. لم يعد على ما يبدو علامات تعجب في نهاية الحرب. هذا هو الوضع، حتى لو كنا نرغب في التنكر له.

إذن ما الحل؟ المعرفة المريرة بانه لا يوجد على ما يبدو حل عسكري وانتهت عهود «ضربة واحدة وانتهينا». الحل سيكون سياسيا؟ ربما. مع مصر والاردن هذا نجح حاليا. مع الفلسطينيين؟ الله كبير. ولكن كم هو جيد أن يكون الجيش الاسرائيلي يمسك كلتي يديه في مكان ما هناك في العالم.

يديعوت