موت الغرباء!
في المستشفى السويدي الأشقر مات عبد المعين بلا ترجمة، لا يحتاج الموت إلى مترجم ليقبض على أرواح الغرباء ويمضي!
هل مات الغريب بلغته الأم ؟ أم مات بلغة المنفى السويدية الشقراء؟ هل مات من اليمين إلى اليسار كما يكتب لغته العربية ؟
أم من اليسار إلى اليمين كما تعلم السويدية في مدارس تعليم اللاجئين ؟
موت الغرباء يضيف لغموض الموت غموضا جديدا، مثل تلك الممرضة الشقراء التي تغمض عيني هذا الفلسطيني اغماضتها الأخيرة وتمضي !
موت عبد المعين موت الغريب في غربة مزمنة لا تموت، سألني أكثر من مرّة عن إمكانية أن يدفن في فلسطين ؟
قلت له: من لا وطن له لا قبر له، يموت اللاجئ لاجئا بين المخيم والقبر يموت الفلسطيني ويشهق آخر انفاس البلاد ولا أعرف ماذا يحدث بعد !
عمر هذا الرجل من عمر النكبة، ولد على طريق التشرد بين الشجرة في الجليل وبنت جبيل في جنوب لبنان، هو روزنامة النكبة ، قطف الموت ورقتها الاخيرة امس في مستشفى سويدي في جنوب السويد مزين بشجرة اعياد الميلاد، وبممرضات شقراوات يضعن على رؤوسهن قبعة بابا نويل ، ويخططن للاحتفال بالعام الجديد ، وعبد المعين الذي خذله قلبه ولم ينتظره لكي يزور فلسطين هذا الربيع كما اتفقنا !
ومات وهو يعض بأسنانه على حلم حياته بزيارة للوطن الذي ولد به على طريق التشرد ، ومات غريبا في المستشفى السويدي الاشقر !
هو موت الغرباء الموت الذي منذ الأمس وأنا أحاول تفسيره !!