مشاهد مؤلمة في رحيل الشهيدين نديم نوارة ومحمد أبو ظاهر

كنت أقف في ميدان المنارة  عصر اليوم، حين خرجت مسيرةٌ غاضبة جابت شوارع مدينة رام الله، منددة بالجريمة التي ارتكبها الاحتلال قرب معتقل عوفر، حين أصابت رصاصاته الغادرة صدري الشهيدين محمد أبو ظاهر ونديم نوار فارتقيا إلى السماء العلى ليلتحقا بقافلة الشهداء في الذكرى السادسة والستين للنكبة.

لحقت بالجماهير الغاضبة حيث الهتافات المنددة بالتنسيق الأمني مع الاحتلال وباستمرار الإيمان بسياسية المفاوضات التي أثبت فشلها، ولم ينسَ المتظاهرون التأكيد على أن دماء الشهيدين ظاهر ونوارة هي تأكيد على الحق الفلسطيني بالعودة إلى كل فلسطين في ذكرى النكبة.  

"الشرطي وغصة في القلب "

وما أن تفرقت التظاهرة من أمام ثلاجة الموتى في مجمع فلسطيني الطبي، وبقي ذوو الشهداء حتى دمعت عيناي حين شاهدت الحرقة في عين الشرطي الذي كان يقف بجانب زميله ويسرد له قصة استشهاد الشابين فيقول" يا زلمة اللي قتلهم صهيوني حاقد، 4 رصاصات في صدر محمد نوارة لحالو" كانت الحرقة واضحة وكان الألم أشد وضوحاً، ورغم البزة العسكرية وخشونة الصوت والملامح إلا أن دمعته أصرت على النزول.

صبرٌ غير محدود رغم الفقدان

تجولت قليلاً على أمل أن يُسمح لي وبعض الصحفيين الآخرين للدخول من أجل التقاط الصور للشهيدين، وفي ذلك الوقت خرج والد الشهيد محمد نوارة وكان الصبر يملأُ عينيه بعد أن أدماه رحيل فلذة كبده، وهنا دمعت عيناي مرة أخرى، حين سمعته يطلب من أصدقاء ابنه الشهيد بأن يكفوا عن البكاء " تبكيش يا عمي تبكيش"  فمن أين أتى بكل هذا الصبر ليحث غيره على عدم البكاء، وهو الخاسر والمفارق والمعاني؟.

أمي وحسرة على الشهيدين

ولم أستطع أن أتمالك نفسي ودمعتي مرة أخرى للمرة الثالثة هذا اليوم حين عدت للمنزل مساءً و كانت والدتي تشاهد الصور الأخيرة للشهيدين عبر شاشة تلفزيون فلسطين، وفي تعليقاتها الحرقة والألم على رحيل شابٍ وفتى لم تعرفهم هي قط، لكنها تعرف أنهم لم يروا بعد من حياتهم شيئاً، وتشعر بحجم الألم والحزن الواقع على عائلاتهم.

"يا ويلي عليه عينه مفتحة..عين عالدنيا وعين الآخرة"..."حرقوا قلبي يلعن أبو النكبة مش بكفي اللي ماتوا زمان" هذا ما قالته أمي حين شاهدت الشهيد محمد أبو ظاهر فصمت كل من في المنزل..فعلاً  " يلعن أبو النكبة"

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.