السعودية تُحضر لخطوة

السعودية

أعلنت الرياض بالتعاون مع تركيا عن نيتها المشاركة في الحرب البرية في سوريا

تسفي برئيل
 

قبل أن تتبخر أصداء البشرى التي جاءت من ميونيخ والتي تحدثت عن وقف اطلاق النار في سوريا خلال اسبوع، أعلنت السعودية عن مبادرة جديدة خاصة بها: ستقوم بارسال طائرات إلى تركيا وقوات برية خاصة من اجل المحاربة في سوريا ضد داعش. إذا كان هناك من تعاطى بجدية مع الاعلان المتوقع عن وقف اطلاق النار، فقد جاءت المبادرة السعودية التركية وأظهرت الفرق بين الأماني وبين الواقع في الميدان.
قتل تقريبا نصف مليون مواطن سوري و7 ملايين تحولوا إلى لاجئين، ولكن لهذه الارقام لا يوجد تأثير حقيقي أمام المصالح المعقدة للقوات الغريبة التي تعمل في سوريا. السعودية، التي كرر وزير خارجيتها عادل الجبير موقف المملكة القائل إن الاسد لا يمكنه الاستمرار في منصبه، تعزز علاقتها الاستراتيجية مع تركيا التي تحولت إلى حليفة حيوية في التحالف الإسلامي السني الذي شكلته السعودية. يوجد لهذا التحالف وزن كبير في سوريا على شكل المليشيات الكبيرة المستمرة في محاربة جيش النظام ومنها جيش سوريا الحر. قيادة الجيش الحر ادعت في نهاية الاسبوع أن الاعلان الذي خرج من ميونيخ يناقض كافة التفاهمات التي حصلت قبل ذلك مع قادة المتمردين.
وخصوصا التفاهم القاضي بعدم وجود وقف اطلاق نار طالما أن الاسد في السلطة. يمكن القول إنه عندما يتم الاعلان عن وقف اطلاق النار، لن يكون هناك شركاء للابقاء عليه بشكل فعال وأن فشله مضمون قبل الاعلان عنه ايضا. ولكن إذا انضمت المليشيات فليس واضحا إلى أي وقف اطلاق نار ستنضم. مثلا من الصعب أن نفهم من صيغة الاعلان أي مناطق ستُشمل في وقف اطلاق النار وضد من ستستمر الحرب وماذا سيكون مصير الهجمات الجوية الروسية وقوات التحالف الغربي والآن ايضا قوات التحالف السعودي التي تعمل من تركيا.
واضح عمليا أن الحرب ضد جبهة النصرة التابعة للقاعدة وضد داعش ستستمر بدون توقف، لكن ليس واضحا إذا كانت مليشيات اخرى مثل احرار الشام وجيش الإسلام التي يعتبرها النظام السوري منظمات إرهابية ستشكل اهدافا للهجوم، هل ستوافق تركيا على أن تكف عن هجماتها على مواقع الاكراد السوريين الذين تعتبرهم إرهابيين، وهل سيقيد وقف اطلاق النار المساعدة الجوية الروسية لقوات الجيش السوري التي تحاصر الآن مدينة حلب. في ظل غياب الاجابات الواضحة يمكن الاعتماد في الوقت الحالي فقط على اقوال جون كيري الذي يقول «هذه خطة طموحة» أو اقوال وزير الخارجية الروسي سرجيه لافروف الذي قال في نهاية الاسبوع إن فرص تحقيق وقف اطلاق النار «تبلغ 49 في المئة» مقابل التقديرات الايجابية لنظيره الالماني شتاينماير الذي منح وقف اطلاق النار نسبة 51 في المئة.
في الوقت الذي تثير فيه المقامرة على فرص وقف اطلاق النار الفضول، فان الميدان يتأجج حول التدخل العسكري السعودي وسياسة دول الخليج الاخرى في الحرب في سوريا. هنا ايضا ما زالت التفاصيل غير موجودة. كم عدد الطائرات التي ستضعها السعودية في مطار انجرليك في تركيا، وما هو حجم القوات الخاصة التي ستشارك في الحرب وفي أي جبهات ستشارك وما هي أهدافها.
وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر الذي سارع إلى مباركة نوايا السعودية في ارسال القوات، قال إن هذه القوات ستعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة وأن هدفها هو الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية خصوصا في مدينة الرقة شمال شرق سوريا. ستكون هذه قوات مساعدة ومرشدة للقوات المحلية وللمليشيات. أما وزير الخارجية التركي، مبلوط شبشولو، فقد وسع دائرة التعاون إلى درجة الاعلان أن الدولتين السعودية وتركيا يمكنهما الخروج في حرب برية داخل سوريا.
هذه التصريحات ايضا يجب التعامل معها بحذر. الحرب البرية التركية السعودية ضد الدولة الإسلامية تحتاج إلى التنسيق مع مليشيات اخرى في الميدان، لا سيما المليشيات الكردية، التي تعتبر القوة الاكثر نجاعة ضد داعش في سوريا. وتركيا لن تعتبر هذه المليشيات شريكة محتملة في الحرب ضد الدولة الإسلامية، وهكذا ايضا السعودية كشريكة لتركيا. ولكن إذا افترضنا أن الاكراد لن يكونوا شركاء ـ خلافا لموقف الولايات المتحدة التي تعتبر هذه المليشيات مقربة منها عسكريا ـ المشكلة الاساسية في الحرب البرية هي المواجهة المتوقعة مع قوات الجيش السوري واحتمال الاحتكاك العسكري مع الروس ومع القوات الإيرانية.
سوريا هي دولة كبيرة نسبيا، لكن مناطق الحرب فيها آخذة بالتقلص. وحينما تعمل قوات كبيرة في مناطق صغيرة فان فرصة اقتتال الغرباء مع بعضهم البعض كبيرة. الاستراتيجية السعودية التركية تهدف إلى انهاء الاحتكار الروسي للنشاط العسكري في سوريا أو على الأقل وضع تهديد سياسي أمام روسيا الامر الذي يضعضع العلاقات التي بنيت هذه السنة بين السعودية وروسيا. يبدو أن التقديرات السعودية هي أن روسيا التي تعادي تركيا بعد اسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني الماضي، سترغب في الابقاء على علاقتها مع السعودية كجزء من جهودها لتوسيع تأثيرها في المنطقة على حساب الولايات المتحدة.
في المقابل، على خلفية التصرفات الروسية الفظة، وعدم الالتفات للضغط الدولي، ستكون هذه مقامرة سعودية خطرة في التدخل في معركة غير مضمونة النتائج العسكرية والسياسية وليس لها استراتيجية واضحة حول كيفية التخلص من الوضع. يبدو أن التدخل العسكري بحاجة إلى دراسة متعمقة وليس فقط تصريحات خاصة عن أن الدولة الوحيدة التي تتحدث الآن عن استراتيجية واضحة هي روسيا.

هآرتس 
 

حرره: 
م.م