لا تخافوا

يجب أن تقوم حركة مناهضة للاحتلال من داخل إسرائيل
دمتري شومسكي
تصادف هذه السنة الذكرى الـ 50 لمحاكمة اندريه سميانسكي ويوسي دانيال في الاتحاد السوفياتي واللذين اتهما بكتابة كتب ومقالات تشكك بالنظام السوفياتي وتهريبها إلى خارج الدولة من اجل نشرها. ان الهدف من ادانة سميانسكي ودانيال اللذين حكم عليهما خمسة وسبعة اعوام بالسجن، كان الردع ضد الاقلية التي كانت ترفض وتتحفظ من النظام الدكتاتوري الكاذب والقمعي، ولكن التأثير التاريخي لهذه القضية كان معاكسا، حيث تسببت المحاكمة بديناميكية سياسية يمكن اعتبارها باثر رجعي انه لا يمكن منعها، الامر الذي ادى في نهاية المطاف إلى اسقاط النظام السوفياتي.
على عكس توقعات النظام، فانه ليس فقط اصوات المعارضين للنظام لم تسكت، بل واخذ الامر بالازدياد بعد المحاكمة، وباعقاب ذلك زاد النظام من ملاحقته السياسية للمعارضين، الامر الذي قلل من شرعية النظام السوفياتي أكثر فأكثر، في نظر المجتمع الدولي، بما في ذلك بنظر بعض العناصر المهمة في الاحزاب الشيوعية في الغرب.
نهاية القصة معروفة، ونتيجة للضغط الدولي الذي اخذ بالازدياد، بدأ النظام السوفياتي يغير وجهته تدريجيا إلى ان سقط كليا.
الدكتاتورية العسكرية الإسرائيلية في المناطق المحتلة لا تشبه الدكتاتورية السوفياتية ـ الاحتلال الإسرائيلي اسوأ بكثير من النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، ليست فقط بسبب حرية الحركة الاساسية التي نعم بها المواطنين السوفييت داخل الدولة، هذه الحرب الاساسية حرم منها الفلسطينيين بل واحترامهم الشخصي والوطني يداس كل يوم كونهم فاقدي الحقوق الاساسية المدنية والقومية، ورغم الاختلاف بين النظامين من الجدير استخدام وسائل مشابهة وخلق ديناميكية مدنية من اجل اسقاط سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وسائل سياسية ودولية تشبه تلك التي كانت باعقاب محكمة الكُتّاب سميانسكي ودانيال قبل خمسون عاما.
ما يدفع على التعجيل ويفرضه هو قرار محكمة العدل العليا في الاسبوع الماضي حول قانون المقاطعة منذ 2011 الذي يلقي بالمسؤولية والضرر على من ينشر نداء علني لمقاطعة دولة إسرائيل او على «منطقة» في الدولة، ومن اجل ان يحصل ذلك يجب ان تتبلور في إسرائيل وباسرع وقت حركة معارضة للاحتلال من اجل العصيان المدني المنظم لقانون المقاطعة.
تخيلوا ان ينادي أكثر فأكثر من المواطنين المعارضين للاحتلال ـ ليس كافراد وانما كجماعة منظمة ـ بفرض مقاطعة اقتصادية، ثقافية واخلاقية على مشروع الاحتلال والمستوطنات.
وانما أثمر فعليا هذا النداء وتسبب بتوسيع المقاطعة الدولية وتشديدها، سيقوم ردا على ذلك من يدافع عن نظام الاستبداد القومي للفلسطينيين ويقدموا دعاوى قضائية ضد الاعضاء في حركة الرفض والعصيان، ستكون هذه المحاكمات سياسية، وكلما ازدادت هذه المحاكمات كلما انهارت صورة الديمقراطية الإسرائيلية في الغرب، وازداد الضغط الدولي عليها، وكلما تعمق الوعي لدى الجمهور الإسرائيلي كان استمرار الاحتلال له ثمن اقتصادي وسياسي، وبالنهاية يوضع حد للاحتلال.
«لا تخافوا أبدا من أي شيء، هذا ليس حكيما»، هذه احدى الجمل في قصة «الفنان ومرجريتا» بقلم ميخائيل بولجاكوف، والتي الهمت الكثيرين من معارضي الاتحاد السوفياتي. وفي سياق العصيان والتمرد على قانون المقاطعة فان هذه الجملة ملائمة جدا، هذا التمرد ليس ضرورة اخلاقية فقط، لانه ممنوع الانصياع لقانون يهدف إلى الدفاع عن نظام القمع لامة اخرى، النظام المستمر رغم القانون الدولي، ان عدم الانصياع والعصيان المنظم لقانون المقاطعة من شأنه ان يكون عملا حكيما من ناحية سياسية ومدنية. حيث ان هناك فرصة معقولة لتسريع انهاء الاحتلال.
يجب العودة واسماع الرسالة في إسرائيل التي تحتل وبصوت عال وغير متردد ـ معارضو الاحتلال الاعزاء لا تخافوا. هذا ليس حكيما. قوموا واخرقو قانون المقاطعة.
هآرتس