زيتون غزة .. موسم قطاف بطعم المعاناة وذكريات الحرب

زيتون غزة

سعيد قديح
(خاص) زمن برس، فلسطين:
لم تقف سنوات عُمِرِ « كريم »  القليلة حائلًا  ليلتحق بأقرانه لمساعدة أقاربه في قطف زيتون هذا العام في بلدة خزاعة المنكوبة شرق خان يونس بعد الهجوم الاسرائيلي الأخير على البلدة في يوليو المنصرم أثناء الحرب والذي خلّف عشرات الشهداء والكثير من الجرحى والدمار.

حضّر نفسه صباحًا وانطلق، وأخذ ينهمك في جمع حبّات الزيتون الملقاة من علو الشجر الذي طال بعضه حريقٌ سببتّه قذيفةٌ مدفعيةٌ أطلقتها الدبابات الاسرائيلية المتوغلة. يقول كريم:" هذه ثاني مرة أجمع فيها الزيتون، وأنا فرحٌ لأننا خرجنا من الحرب بهذه الشجرات" يضيف قائلًا:" وفي نفس الوقت، فقدتُ خالي الذي شاركني المرة الأولى في قطفه، لم يعد بيننا اليوم، راح في الحرب، أشتاقه كثيرًا".

تضع « صفية » ذات الستين عامًا ابريق الشاي لأحفادها الذين أخذوا بالنزول من على شجرةٍ زيتون قريبة، تلملم ما علِقَ في كَوْمِ الزيتون المقطوف، تهذّب حباته، وتأخذ بالقول لزمن برس:" الحرّب أثرّت بشكل كبير على انتاج الشجر من الزيتون هذه السنة، لقد وصلت الدبابات هنا، وجرّفت وأحرقت وألقوا الغازات في كل مكان، وكما ترى بعينك أغصان الزيتون المحروقة الملقاة في كل مكان هنا، حتى البيت الذي كان منامًا لي ولزوجي جعلوا منه غير صالح للسكن ".

وتكمل قائلةً:" كم من الصعب أن تهتم لعشرين عامًا بشجرة أو اثنتين ترجو من ورائهما بعض الثمار، ثم في لحظة تمسح اسرائيل كل شيء". تتساءل:" ما الذي يفعله الشجر لهم، يخيفهم أم يطلق عليهم النار ؟ " وتختم بالقول:" سنزرع الأرض، ونبقى فوقها نعمرها ".

وكان لشجرة الزيتون النصيب الاكبر في جملة الأضرار والخسائر التي طالت المجال الزراعي في قطاع غزة أثناء الحرب الأخيرة، حيث تضرر حوالي 3000 دونم زيتون نتيجة التجريف والقصف المدفعي العشوائي.

المواطن حسن النجار ( 65 عامًا )  كان يملك ثلاثة دونمات مزروعة بالزيتون، سوت الجرافات الاسرائيلية أغلبها بالأرض، وجعلت منها مكانًا تمر منها الدبابات الاسرائيلية، وترابط فيها فترة الحرب، يقول لمراسل زمن برس:" كنت أقضي جل وقتي في الاهتمام بالشجر، وسقايته، وأخذ الراحة تحت أغصانه برفقة الأبناء والأحفاد، واليوم باتت هذه اللحظات الحلوة في خبر كان".

ويوجّه مناشدته للجهات المعنية قائلًا:" عليهم بالتحرك ومطالبة اسرائيل بعدم المساس بالأراضي الزراعية، واحترام أملاك المزارعين، وتعويضهم عما يلحق بهم جراء تصرفات اسرائيل العدوانية".

ويختم بالقول:" نعيش وضعًا مأساويًا في هذه المنطقة القريبة من الحدود، جراء ما حل بالإنسان والزرع والطير، حتى أننا نعاني في توفير المياه لري الأراضي لزرعها من جديد، فقد دمرت اسرائيل آبار الري، وشبكات نقل المياه لهذه الأراضي".

ويعد زيتون فلسطين احدى المحاصيل الرئيسية فيها، وركنًا هامًا في اقتصادها الزراعي، كما يحظى باهتمام كبير نظرًا لميزاته عن غيره، لطريقة قطفه اليدوية، وموعد قطافه، واستخراج الزيت منه بالعصر.

حرره: 
ز.م