حملة لوقف محاكمة نتنياهو: الليكود يعيد ترتيب الأجندة السياسية

زمن برس، فلسطين: تعد وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية، عيديت سيلمان، رسالة توجّهها إلى الرئيس يتسحاق هرتسوغ، تطالبه بـ"استخدام صلاحياته" من أجل وقف محاكمة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في قضايا فساد.
وجاءت هذه الخطوة، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في أعقاب خطاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الكنيست، الذي توجه إلى هرتسوغ قائلًا: "ربما تمنح نتنياهو عفوًا، من يهتم بزجاجات الشمبانيا والسيجار؟".
وذكرت الصحيفة أن سيلمان كررت أقوال ترامب في الرسالة التي شرعت بتداولها بين وزراء حزب الليكود لجمع التواقيع عليها قبل توجيهها إلى الرئيس الإسرائيلي.
وبحسب التقديرات، وقّع عدد من وزراء الليكود بالفعل على الصيغة الأولية للرسالة، فيما يتوقع أن تنضم إليها باقي الوزراء في الحزب خلال الأيام المقبلة.
ودعت سيلمان في رسالتها إلى أن يتدخّل الرئيس "لأجل رأب الصدع وإعادة الوحدة للمجتمع الإسرائيلي"، معتبرةً أن المحاكمة الجارية "تستهدف معسكرًا كاملاً وليس شخصًا واحدًا".
وأشار التقرير إلى أن مصطلح "العفو" لم يُذكر صراحةً في الرسالة، لكنها تستند في مضمونها إلى مبررات "المصالحة القومية وشفاء المجتمع"، على حد تعبيرها. ومع ذلك، أوضحت مصادر قانونية أن رئيس الحكومة نفسه هو من يتعيّن عليه قانونيًا تقديم طلب العفو في حال أراد تفعيله رسميًا.
وتزامن هذا التحرّك مع ما وصفته الصحيفة بأنه "التحوّل المنظّم لنتنياهو نحو معركة اليوم التالي"، أي مرحلة ما بعد الحرب، إذ وجّه اهتمامه في الأسابيع الأخيرة إلى ملف إلغاء محاكمته بدلاً من الانشغال بتشكيل لجنة تحقيق رسمية أو بإجراءات "التصالح الداخلي" التي وعد بها سابقًا في الكنيست.
ولفت التقرير إلى أن هذا التنسيق لم يكن مصادفة، بل جزء من حملة منظمة يقودها نتنياهو وأنصاره، تمثلت ذروتها صباح اليوم مع استئناف جلسات شهادته في المحكمة بعد توقف دام نحو شهر.
ونُقل عن مسؤولين كبار في الليكود أن مساعدي نتنياهو تواصلوا مع وزراء وأعضاء كنيست قبل الجلسة، وطلبوا منهم الحضور إلى المحكمة وإظهار دعم علني لرئيس الحكومة.
وبالفعل، حضر عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست إلى قاعة المحكمة في تل أبيب، بينهم رئيس الكنيست أمير أوحانا، ووزير الاتصالات شلومو كراعي، ووزير الثقافة والرياضة ميكي زوهر، ووزيرة البيئة عيديت سيلمان، بالإضافة إلى أعضاء الكنيست نيسيم فاتوري وأوشير شاكيد.
وفي توقيت متزامن، أصدر الوزراء الحاضرون بيانات متشابهة تدعو إلى إلغاء محاكمة نتنياهو، مشيرين إلى أنه "يدير البلاد في مرحلة تاريخية ولا يمكن لمحاكمته أن تستمر في ظل ذلك".
بالتوازي، أعلن وزير القضاء، ياريف ليفين، عن مقترح قانون جديد يتيح له ولوزير الأمن يسرائيل كاتس تحديد مواعيد جلسات المحاكم خلال فترات الطوارئ، ما اعتُبر إشارة مباشرة إلى محاولة تقييد مسار المحاكمة الجارية.
وقالت مصادر سياسية إن هذه الخطوات المتزامنة تُظهر تنسيقًا دقيقًا بين المستويين السياسي والإعلامي في الليكود، بهدف "توجيه الرأي العام في إسرائيل وإبعاد التركيز عن الانتقادات الواسعة لنتائج الحرب في غزة التي انتهت دون حسم واضح".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في الحزب قوله: "الحملة لوقف المحاكمة هي جزء من معركة الليكود على اليوم التالي، والوزراء يتنافسون فيما بينهم على من سيذهب أبعد في إظهار الولاء لنتنياهو، في ظل أجواء انتخابية داخلية غير معلنة".
وأشار إلى أن هذا الحراك يخدم هدفين متوازيين: الأول، محاولة حقيقية لإنهاء المحاكمة التي تلاحق نتنياهو منذ سنوات، والثاني، تحويل النقاش الداخلي في اليمين من نتائج الحرب إلى قضية القضاء والولاء السياسي، بما يعيد تعبئة قاعدة الحزب وأنصاره.
وفي وقت سابق الأربعاء، أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن حزب الليكود يعتزم إجراء انتخابات رئاسة الحزب في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، غير أنه لا يُتوقع أن يترشح أي منافس في مواجهة نتنياهو، ما قد يؤدي إلى إلغاء الانتخابات بشكل نهائي.
وتُعدّ هذه الانتخابات، في حال إجرائها، الأولى منذ نحو ست سنوات، إذ كانت آخر منافسة داخلية على رئاسة الحزب قد جرت بين نتنياهو ووزير الخارجية الحالي، غدعون ساعر، الذي انسحب لاحقًا من الليكود، وأسس حزب "تيكفا حداشا" قبل أن يعود مؤخرًا إلى صفوف الحزب.