فلاديمير بوتين ـ بطل إسرائيل

فلاديمير

صحف عبرية

حسب الاستطلاع الذي أجري في اوساط زوار موقع «واللاه» فان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو رجل العام في العالم لعام 2015. للوهلة الاولى، اختيار الاسرائيليين هذا يثير الاستغراب. حتى لو كانت روسيا بوتين مثل الاتحاد السوفييتي سابقا لم ترفع اصبعها من اجل الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، موقفها الرسمي والمعلن في الموضوع الفلسطيني لم يتغير منذ سنوات وهو: اقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 هو الحل العادل والوحيد للصراع الاسرائيلي الفلسطيني. هذا خلافا لموقف اغلبية اليهود الاسرائيليين الذين يقفون من وراء حكومة المستوطنين الحالية.

سياسة روسيا الشرق اوسطية تؤيد بشكل علني الخط الشيعي بما في ذلك «الشيطان الإيراني»، حيث أن الحرب الوهمية معها قد لعبت دورا في تعزيز سلطة التخويف لنتنياهو. واذا لم يكن هذا كافيا، انطلاقا من كون اسرائيل حليفة استراتيجية قديمة للولايات المتحدة -العدو الاكبر للدولة الروسية ـ فان روسيا تستمر في التعامل معها بقدر كبير من الاشتباه.
رغم ذلك وبنظرة عميقة، يمكن رؤية عدة مميزات في سياسة روسيا بقيادة بوتين، التي من شأنها اثارة التضامن والتأييد من قبل كثير من الاسرائيليين. أولا، منذ أخلّت وبشكل فظ بالقانون الدولي حينما سيطرت على دولة جارة (ضم شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة من قبل لاوكرانيا)، فان المزيد والمزيد من مواطني اسرائيل المحتلة، يشعرون بالمصير المشترك بين دولتهم وبين الفيدرالية الروسية.
صحيح أنه بسبب مكانة اسرائيل في المجتمع الدولي كدولة ناجين من الكارثة فليس من المتوقع أن تعاقب قريبا حتى بأقل العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا في اعقاب ازمة اوكرانيا.مع ذلك فان من يحاولون تبييض صورة الاحتلال بدأوا بالخوف من أن الحصانة أمام القانون الدولي التي اشترتها اسرائيل لنفسها عن طريق اوشفيتس، لن تصمد إلى الأبد. وعندها إذا نجح «اللاساميون» الذين يؤيدون الفلسطينيين في اقناع المجتمع الدولي أن الاحتلال الاسرائيلي هو اجحاف يستحق الرد الشديد بواسطة المقاطعة والعقوبات، تماما مثلما هو سلوك روسيا بوتين ـ طريقة صمود بوتين الناجحة في وجه العقوبات الدولية ستكون مثالا يحتذى ومصدرا للتشجيع من محامي الاحتلال عندنا.
ثانيا، مثل نتنياهو فان بوتين يفهم أن ورقة «مقاومة اللاسامية» قد تشكل تذكرة دخول إلى نادي الدول المتنورة ايضا لمن يُخل بمنهجية بالقانون الدولي. وبذلك فان اعتداءاته في اوكرانيا يصفها الرئيس الروسي كادارة الظهر للقومية المتطرفة اللاسامية، ويعتبر كل من يعارض الامبريالية الروسية كمن تعاون مع النازيين في الحرب العالمية الثانية.
الشائعات حول الحرب التي تديرها روسيا ضد الورثة الروحانيين لبوغدان حملنتسكي، سيمون باتليورا وستيفان بندارا، تُسخن بدون شك قلب الكثير من اليهود الاسرائيليين.
في الوقت الذي لا خلاف فيه على أن المذابح التي تمت ضد اليهود في اعقاب الثورة البلشفية والتعاون البارز للشرطة الاوكرانية من اجل القضاء على اليهود في الكارثة، هي مراحل مؤلمة في تاريخ الشعب اليهودي وفصول مخزية في تاريخ الشعب الاوكراني ـ الكثير من الاسرائيليين يفهمون أن قصة الصراع القومي الاوكراني الحالية ضد مطامح الانتشار الروسي ـ هذا الصراع يشارك فيه ايضا المواطنون اليهود في اوكرانيا ـ يختلف تماما عما تُحدثنا به الديماغوجيا «اللافاشية» لبوتين.
ثالثا، حتى لو أننا لم ننكر أنه قياسا مع ايام الحكم العسكري، فان اسرائيل اليوم تتميز بالانفتاح في عدد من المجالات، لكن شعور الاشتباه بالديمقراطية في اوساط الاسرائيليين في دولة نتنياهو يقترب أكثر فأكثر في قوته وحجمه من ظواهر الخوف من «الفوضى الديمقراطية» التي تميز جموع المواطنين في دولة بوتين.
في الدولة التي تعتقل الفنانة نتالي كوهين فاكسبرغ بسبب الحاق الضرر برموز القومية، ووضع اشارات على ممثلي منظمات المعارضة، ليس غريبا أن المزيد والمزيد من المواطنين الذين يتضامنون مع حكومتهم المنتخبة ينظرون بنوع من التأييد لرئيس دولة تقوم بسجن فنانات فرقة للروك وتجد طرق فعالة أكثر من اييلت شكيد لاسكات من ينتقدون السلطة.
تضامن الحركة الصهيونية ودولة اسرائيل مع الثقافة الروسية وتقاليدها له تاريخ طويل. ففي الماضي البعيد عندما كانت حركة الكيبوتسات في ذروة قوتها تم اعتبار الاتحاد السوفييتي من قبل اوساط في اليسار الاسرائيلي مثل برج للمساواة والاخوة بين الشعوب.
صحيح أنه لا يجب التباكي على تلك الايام. ففي الواقع الاسرائيلي وكذلك السوفييتي تم تشويه القيم. لكن على الأقل كان الحديث في حينه عن مباديء سامية بحد ذاتها ترضع من المباديء الانسانية المتنورة. في المقابل، القيم والمصطلحات التي تجذب الكثير من الاسرائيليين في روسيا اليوم، يمكن تلخيصها بالقومية المتطرفة واستخدام القوة واحتقار الديمقراطية.
دمتري شومسكي

هآرتس 
صحف عبرية

حرره: 
م.م