تصفية محسوبة لسمير القنطار

سمير القنطار

إذا كانت إسرائيل بالفعل هي التي صفته فان الروس كانوا على علم بذلك

اليكس فيشمان

إما أن يكون هذا احباط ضروري لقنبلة موقوتة أو أن احدا ما أخذ مخاطرة محسوبة – وأخطأ.

الجواب سنحصل عليه في غضون بضعة ايام معدودة، ربما حتى في الساعات القريبة القادمة. عندها فقط سنعرف اذا كانت الصواريخ التي اطلقت امس نحو الجليل الغربي، على ما يبدو من تنظيم فلسطيني، هي رد رمزي لرفع العتب أم أنه بداية جولة عنيفة اخرى على حدود الشمال. بعد جولة دموية قصيرة قتل فيها جنديان من الجيش الإسرائيلي عض حزب الله وإسرائيل على الشفاه والمصالح منعت استمرار التدهور. فهل هذه ستكون الصورة هذه المرة أيضا. في كل الاحوال، فإن قيادة المنطقة الشمالية توجد في حالة تأهب منذ يومين.
معقول الافتراض بان قيادة حزب الله تجري في هذه الساعات حقا تجري تقييما للوضع حول استمرار سلوكها. كما أن حزب الله متأثر بضغوط الشارع، وللمجريات في اثناء جنازة قنطار، التي ستعقد في بيروت اليوم ستكون آثار على تسخين الوضع على الحدود.
سمير قنطار، مع كل الرمزية والرواسب التي خلف اسم هذا القاتل – ليس عماد مغنية. صحيح أن الادارة الامريكية عرفته كارهاب دولي، ولكن مقارنة برئيس اركان حزب الله الذي صفي في دمشق في 2008، فانه سمكة صغيرة في بحر من الارهاب الاقليمي. كان ينبغي أن يتوفر سبب استثنائي كي يأخذ احد ما المخاطرة ويبذر الائتمان الذي اعطي له للعمل في سوريا وينفذ احباطا مركزا لهذا الرجل في ضواحي دمشق. والسبب الوحيد الذي يمكنه أن يبرر تصفيته في العاصمة السورية – المحمية من مظلة الدفاع الجوي الروسي التي في مركزها صواريخ اس 400، برادارات الكشف التي لديها والتي تغطي أجزاء واسعة من دولة إسرائيل – هو معلومات استخبارية «مصبوبة من الاسمنت» عن عملية توشك على التنفيذ بشكل فوري.
في سياسة امنية سوية العقل لا يعد الثأر سببا مقبولا لتصفية قنطار. ولو كانت إسرائيل ارادت تصفية قنطار للثأر منه، لاطلاق اشارة إلى الايرانييــن وحــــزب الله أو لبــــث رسالة للسجناء الامنيين بان العودة إلى الارهاب بعد التحرر في اطار صفقة أسرى ستجدي منهم ثمنا فتاكا – لكان لديها عشرات الفرص لعمل ذلك منذ تحرره من السجن في 2008.
وسواء كانت إسرائيل تقف خلف التصفية أم لا، فقبل كل عملية في سوريا يتعين على وزير الدفاع عن يسأل رجال استخباراته هل تتجاوز هذه العملية الخطوط الحمراء لحزب الله والتي تستوجـــــبه ان يرد، ومن شــــأنها أن تؤدي إلى تدهور في جبهة الشمال. هذا سؤال أســاس إذ أن المصلحة الإسرائيلية هي أن يواصـــل حزب الله سفك دمائه في سوريا لسنوات طويلة اخرى فيضعف دون تدخل إسرائيلي.
من سلوك حزب الله حتى اليوم يتبين انه طالما تتضرر وسائل قتالية للمنظمة على الارض السورية، فانه يقبل هذا الضرر كجزء من قواعد اللعب. وبالمقابل، عندما صفي جهاد مغنية، كدنا نتدهور إلى مواجهة عسكرية في الشمال.
غير أن مكانة قنطار في حزب الله مختلفة جوهريا. صحيح أنه اصبح رمزا لمواصلة السجناء الامنيين الذين تحرروا من السجن الإسرائيلي في الكفاح، كنوع من البطل الشعبي، الا أن حزب الله رفع عنه رعايته قبل نحو سنة. رغم ذلك واصل قنطار عمله بشكل مستقل بتوجيه من ضباط الحرس الثوري في دمشق.
ولكن ليس حزب الله وحده أدار لقنطار الظهر. فالنظام في دمشق ايضا يرى في استمرار نشاطه في سوريا خطرا على مصالح الاسد إذ أن من شأنه أن يجر إسرائيل إلى مواجهة مباشرة مع سوريا. وحقيقة ان السوريين وحزب الله على حد سواء تحفظوا من نشاط قنطار كفيلة بان تكون اليوم عامل لجم في الساحة.
كما أن التواجد الروسي في سوريا هو بمثابة عامل لجم، يمكنه ان يدفع حزب الله إلى تلطيف حدة رد فعله. ففتح مواجهة مع إسرائيل لا تخدم المصلحة الروسية في سوريا. واذا كانت إسرائيل بالفعل هي التي صفت قنطار، كما يدعي السوريون واللبنانيون، فان الروس، بفضل قدراتهم التكنولوجية، عرفوا بهذه الحملة في الزمن الحقيقي. والدليل: موسكو تسكت، تماما مثلما تجاهلت ثلاث حالات مشابهة لهجمات في سوريا نسبت لإسرائيل.
لقد كان سمير قنطار أغلب الظن تحت الرقابة الشديدة جدا، والا لما كان ممكنا تنفيذ احباطه المركز بنجاح مثير للانطباع بهذا القدر. مثل هذه المعلومات، التي تسمح بتحديد مكانه الدقيق واطلاق الصواريخ نحوه حين لا يكون في المحيط مواطنون أبرياء،لم تولد بالصدفة. فالحديث يدور عن عمل نمل استخباراتي مهني جدا.
لقد صفي قنطار في مبنى في دمشق استخدمه حسب منشورات في سوريا ليس فقط مكان سكن لرجاله، بل وايضا مركز العمليات لتنظيمه. هناك توجد، حسب ذات التقارير، غرفة المداولات التي قتل فيها قنطار، الناطق بلسانه وسائقه، واصيب بضعة اشخاص آخرين، أغلب الظن أعضاء التنظيم. بدت هذه كفرصة ذهبية: توجيه ضربة قاتلة لتنظيم سمير قنطار. والان الكرة في ملعب حزب الله.
يديعوت

اليكس فيشمان

حرره: 
م.م