سوريا وإيران: بين شريكين وخصمين

ايران

زلمان شوفال

لا لفوضى المستمرة في سوريا ولدت منذ الان تطورات يصعب حتى على المراقبين الاكثر خبرة احيانا ان يتابعوها. فما بالك ان يميزوا بين «الاخيار» و «الاشرار». وينبغي أن يضاف إلى ذلك الان شبكة العلاقات التي قد تكون مصلحة وقد تكون خصمية بين روسيا وإيران. ثمة من يسمي هذه العلاقة باسم Frenemies، أي الاصدقاء الاعداء.

ظاهرا، روسيا وإيران توجدان في ذات الطرف: التأييد لنظام بشار الاسد والمعارضة لداعش ـ ولكن ظاهرا فقط. إذ على المدى الابعد لكل واحدة منهما توجد أهداف مختلفة. فطهران لا بد راضية حاليا من نشاط سلاح الجو الروسي، الذي يسهل على وضع الجيش السوري الصعب، ولكن في نظرة إلى المستقبل ينبغي الافتراض بان إيران تفضل ان تلوح للروس بـ «وداعا وليس إلى اللقاء». وفي هذه الاثناء ثار مثلا خلاف بين الدولتين بشأن مستقبل الميليشيا السورية المسماة «قوات الدفاع الوطني» ـ جسم من المقاتلين الموالين لعائلة الاسد، ولكنه ليس جزءا لا يتجزأ من الجيش السوري وتريد روسيا أن تلحقه بالاطار العسكري السوري المؤطر بسبب علاقاتها الوثيقة التقليدية معه. اما إيران بالمقابل التي هي وحزب الله اقاما الجسم آنف الذكر فتريد أن ترى فيه سندا لتوسيع نفوذها المهيمن في الدولة.
تلعب موسكو لعبة دبلوماسية ذكية، وما يهمها اساسا هو مكانتها الاستراتيجية المعززة التي تمنحها لها علاقاتها مع الجيش السوري وقواعدها في شمال غرب الدولة، ولكن في نفس الوقت عملت ايضا، وبنجاح، على اشراك إيران في الخطوات الدولية التي تستهدف ايجاد حل سياسي في سوريا. والدليل على ذلك ـ ضم إيران إلى المحادثات التي جرت في هذا السياق في فيينا في بداية الشهر.
وحيال النشاط السياسي والعسكري المتزايد لروسيا بالنسبة لسوريا، يبرز على نحو خاص الهبوط في مستوى تدخل الولايات المتحدة في هذه المجالات. فوزير الخارجية، جون كيري، وان كان جلس إلى جانب وزير الخارجية الروسي لافروف على رأس المباحثات في فيينا، ولكن دون أن يترك الانطباع بان أمريكا هي التي تقرر الخطوات. كما ان الرئيس براك اوباما يواصل الحديث، حتى بعد العملية الواسعة في باريس، بان ليس في نيته التراجع عن قراره عدم استخدام قوات برية في الحرب ضد داعش أو الرفع الكبير لمستوى النشاط الجوي هناك (خلافا، بالمناسبة، مع تصريحات وزراء دفاع سابقين في ادارته بل وللمرشحة الديمقراطية للرئاسة، هيلاري كلينتون).
وكما كتب مؤخرا في المجلة الأمريكية الاعتبارية لشؤون السياسة الخارجية «فورن افيرز» فان: «إدارة اوباما تراجعت بوضوح عن السياسة الأمريكية السابقة للتدخل في الشرق الاوسط، رغم نشوء داعش وعلى الرغم من المعركة الجوية ضده»، وتشرح بان الامر لا ينبع بالذات من الميل الايديولوجي، المزعوم، لاوباما لتقليص التزام الولايات المتحدة العالمي ـ بل من جهد مقصود لـ «اعادة الاستقرار (!) الذي كان قائما في الماضي»….
لقد نجحت إسرائيل حتى الان، بحكمة وبتصميم في إلا تعلق في عش الافاعي السوري، باستثناء النشاطات الرامية مباشرة إلى احباط توريد الوسائل القتالية لحزب الله في لبنان، ولكن التطورات الحالية والمتوقعة في المجال السوري من شأنها أن تضع هذا الوضع امام اختبارات جديدة. صحيح أن الرئيس بوتين وعد على ما يبدو بان يكون تدخل روسيا العسكري في سوريا، وكذا صفقة توريد صواريخ اس 300 لإيران، يمس بأمن إسرائيل وبقدرتها على الدفاع عن نفسها في وجه الهجمات الصاروخية لحزب الله، وعلى المستوى الدبلوماسي المح في الكرملن بان صعود الدرجة في النشاط السياسي والعسكري الروسي يستهدف، ضمن امور اخرى، إلى تعطيل نوايا إيران، إلا ان من المشكوك فيه ان تتمكن إسرائيل من الاكتفاء بمساعي التهدئة هذه في ضوء النية الظاهرة لإيران لتعميق تواجدها في جنوب سوريا، سواء من أجل تهديد إسرائيل في الجانب الاخر من الحدود أم من أجل ضمان التوريد المنتظم للوسائل القتالية الإيرانية لحزب الله في لبنان.
في المستقبل فقط سنعرف إذا كانت زيارة بوتين إلى طهران الاسبوع الماضي يمكنها أن توفر أجوبة على مسألة الشراكة ـ الخصومة بين روسيا وإيران في منطقتنا. يتعين على إسرائيل أن تواظب في ايجاد اجوبة لتلك الجوانب المتعلقة بها مباشرة.

إسرائيل اليوم 
 

حرره: 
م.م