الأسد في دور المخلص

بشار الأسد

صحف عبرية

لق مؤتمر فيينا للوصول إلى حل سياسي في سوريا، والذي انعقد يوم السبت، الانطباع بان العمليات في فرنسا كفيلة بان تعطي أيضا شيئا ما جيدا. وان ها هو يتوفر أخيرا توافق بين القوى العظمى على المسيرة المرغوب فيها لحل الازمة في سوريا وانه سيكون ممكنا قريبا توحيد القوى للقتال ضد «داعش». وحسب التصريحات التي خرجت من فيينا، ففي غضون نصف سنة ستتشكل حكومة مؤقتة تعمل لنحو 18 شهرا وتكون مسؤولة عن وضع الاسس لاجراء الانتخابات وصياغة دستور جديد.

الرئيس السوري بشار الاسد، حتى حسب اعلان فيينا السابق وحسب القرارات التي اتخذت في نهاية الاسبوع ايضا سيبقى يتولى منصبه ولن يمنعه احد من أن يكون جزءا من المسيرة السياسية. ولم يعد ممكنا إلا نحسب نقاط الربح والخسارة لكل طرف، ولا سيما للولايات المتحدة التي تخلت عن الانصراف الفوري للاسد وروسيا وإيران اللتين نجحتا، على الورق على الاقل في ضمان استمرار حياته السياسية.
ولكن قبل لحظة من انهاء الميزان مرغوب فيه أن نتذكر بان التصريحات والقرارات بقيت حاليا في النطاق النظري ولا يوجد اي يقين بان تنجح. وذلك لانه في كانون الثاني فقط ستبدأ المفاوضات مع ميليشيات الثوار، التي لم تشارك بعد في لقاءات فيينا ولم تقدم بعد موقفها من تصريحات فيينا.
مشكوك أن يكون ممكنا الوصول إلى تمثيل متفق عليه لميليشيات الثوار حين لا يكون هناك اتفاق بعد بين روسيا، الولايات المتحدة، إيران والسعودية من يكون الممثلون «الشرعيون» الذين يمكنهم ان يشاركوا في المداولات، باستثناء الاتفاق على أن «داعش» لا يمكنه أن يشارك. فهل سيوافق الجيش السوري الحر على الجلوس مع ممثلي الأسد؟ هل جبهة النصرة المتفرعة عن القاعدة ستقبل كممثل جدير في نظر الولايات المتحدة؟ ما هي الضمانات التي ستعطى للثوار بان الاسد سيكف عن ان يكون رئيسا في نهاية الفترة الانتقالية؟ وهذه مجرد أمثلة على المصاعب في الوصول إلى اتفاق على الارض.
لا شك أن العمليات في باريس قدمت ريح اسناد للمداولات في فيينا، وذلك لان الالحاح لبناء جبهة ناجعة للحرب ضد «داعش» اصبح في أعقابها حرجا. وفرضية العمل هي ان تهدئة الازمة في سوريا وحدها يمكنها أن تسمح بتجنيد ميليشيات الثوار وبالطبع الجيش السوري للحرب ضد «داعش».
ان المنطق الذي يغذي هذه الفرضية ليس معقدا. فالرؤيا الاستراتيجية ترى التعاون الجوي بين روسيا، الولايات المتحدة والدول الاوروبية، قوة برية تتشكل من مقاتلي الجيش السوري الذي تستوعب فيه قوات الثوار ومعا تشكل قوة هجومية مدربة وخبيرة لحرب هدفها اسقاط «داعش». هذه رؤيا محببة، ولكن تحققها يحتاج إلى اكثر من الخطاب المتفائل، إذ انه حتى لو توصلت ميليشيات الثوار إلى توافق فيما بينها، وحتى لو وافقت على الجلوس مع ممثلي النظام، فهذه عملية من شأنها في افضل الاحوال أن تستغرق نصف سنة، ولا يزال غير مضمون تشكل القوة المشتركة.
وفقط لاحداث بعض التبريد لمستوى التفاؤل، يجر بنا أن نذكر الخلافات والخصومات التي لا تزال قائمة حتى اليوم بين الاكراد والحكومة العراقية او المواجهات العنيفة بين طالبان والحكم الافغاني، بعد سنوات طويلة من صياغة الدستور واقامة حكومتين منتخبتين في هاتين الدولتين.
ولكن لنفترض أن الثوار رحبوا بالصيغة السياسية، ونشأت حكومة سورية وجيش سوري يرضيان كل الطوائف والكتل، فاي استراتيجية سيتعين عليهما ان يتخذا ضد «داعش»؟ فالمنطق السائد في هذه اللحظة هو أن «داعش» غير استراتيجيته وقرر تبني نهج عمليات القاعدة. ومشكوك أن يكون لهذا الفهم ما يستند اليه. في كل واحدة من العمليات الكبرى التي نفذها المتماثلون مع «داعش» خارج العراق وسوريا يمكن ان نعزو اسبابا وذرائع تخدم بالذات استراتيجية «التثبت والتوسع» القديمة التي وضعها التنظيم في رؤياه.
يحتمل أن تكون هذه العمليات تستهدف تجنيد المزيد من المتطوعين، زيادة ميزانيات التبرعات، تحقيق الحسابات المحلية بين المنظمات المتطرفة وبين الحكومات المحلية (مثلما في حالة اسقاط الطائرة الروسية التي اساس اضرارها وقع بالاقتصاد المصري وليس بروسيا) وبالاساس، مهاجمة من يحاول المس بالاراضي الاقليمية لـ«داعش» في سوريا والعراق كوسيلة ردع وليس من أجل «احتلال» الغرب او تقويض اساساته الثقافية.
اذا كانت استراتيجية «داعش» لم تتغير فثمة بالتالي منطق في بلورة قوة قتالية مكثفة، برية وجوية يشكل فيها الجيش السوري عنصرا مركزيا، من اجل الخروج إلى هجوم على الاراضي الاقليمية ل»داعش»، تفكيك قاعدته الاقتصادية واعادة المدن التي احتلها إلى مواطنيها.
اما بالمقابل إذا تحول «داعش» إلى منظمة إرهاب دولية، فان جبهة القتال الاساس ستنتقل إلى كل دولة ودولة يحاول المس بها، وعندها فان الجهود لتشكيل قوة سورية موحدة تحت نظام واحد سيبدو ثانويا مقارنة بالحرب التفصيلية ضد خلايا الإرهاب التي سيستخدمها «داعش».
سيكون هذا بالطبع فهما خطيرا من شأنه ان يخلد النظام في سوريا. إذ ان الحاق الحرب ضد «داعش» بالحل السياسي في سوريا لا يقترح حلا لحالة لا يكون فيها اتفاق على نظام جديد. فأي استراتيجية اخرى ستقترحها عندها القوى العظمى.
تسفي برئيل

هآرتس
 

حرره: 
م.م