الجزائر تتحصّن لمواجهة خطر "داعش القادم من ليبيا

زمن برس، فلسطين: تحوّلت ليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، إلى مستنقع دموي وكابوس مرعب في المنطقة، لاسيما بالنسبة لدول الجوار ومنها الجزائر، على خلفية انتشار وتنامي خطر الجماعات الارهابية وتمدد تنظيم "داعش" داخل الفضاء الليبي وتوجيهه لتهديدات مباشرة لاستهداف الجزائر.

يحدث هذا في الوقت الذي رفعت فيه السلطات الجزائرية من جاهزية وانتشار القوات المسلحة عبر الحدود لصد أيّ اعتداءات محتملة، ولتوضيح ما يجري على الحدود الليبية – الجزائرية والتهديدات الأمنية التي يشكلها الانتشار الرهيب للسلاح.

وقال الخبير الأمني أحمد ميزاب في تصريح نقلته سي أن أن بالعربية، إن الجزائر ومنذ اليوم الأول من اندلاع ما يسمى الثورة الليبية وبداية التدخل العسكري على أراضيها في فبراير/شباط 2011، اتخذت عدة إجراءات لحماية أمنها، مضيفًا أن سقوط الدولة في ليبيا وغياب المؤسسات واستمرار انتشار فوضى السلاح و تنامي الإرهاب والعدد الهائل للميليشيات المسلحة، كلها مؤشرات على تهديد أمني للجزائر، خاصة وأن البلدان تربطهما حدود طويلة، ما دفع بالجزائر لاتخاذ إجراءات لمواجهة هذه التهديدات.

وأوضح ميزاب أن الجزائر تعمل وفق محورين، الأول يتعلق بحماية الحدود، من خلال وضع نقاط تفتيش، نشر قوات كبيرة للجيش، الاستطلاعات عبر الطائرات، أما المحور الثاني فمرتبط بالعمل على مستوى الساحة الليبية لإيجاد مخرج للأزمة وجمع الفرقاء الليبيين وحث الشعب الليبي على تبني مقاربة الحوار الوطني لإيجاد مخرج للوضع الذي تعيشه البلاد.

و اعتبر المصدر نفسه أنه في حال استمرت الفوضى في ليبيا فلن يكون هناك تهديد فقط لأمن الجزائر بل للمنطقة ككل، فالجزائر تتخوّف من أن تكون تونس في موقف صعب، أي أن لا تتمكن تونس من مقاومة الكم الهائل من التهديدات القادمة من ليبيا، ما قد يزيد الوضع تأزما بالنسبة للجزائر التي تراهن على الحوار الليبي لبناء دولة ذات مؤسسات.

أما الضابط السامي السابق في الاستخبارات الجزائرية محمد خلفاوي إن الجزائر محاطة بالتهديدات من عدة جهات و ليس فقط على حدودها مع ليبيا ، وهي موجودة ومتنوعة، مشيرا إلى الوضع الأمني المتدهور شمال مالي، والحدود المغلقة مع المغرب، إلا أنه اعتبر التهديد الليبي هو الأخطر، لانعدام مؤسسات بهذا البلد و انتشار الفوضى و الجماعات الإرهابية من القاعدة إلى تنظيم "داعش" إلى جماعات أخرى مسلحة.

غير أن المتحدث أكد أن محاولة التنظيمات الإرهابية وخصوصا "داعش" ضرب استقرار الجزائر فاشلة و لن تلقى الصدى الذي وجدته في دول أخرى تمكنت من تفكيكها كسوريا و العراق و ليبيا، نظرا للخصوصية التي تتمتع بها الجزائر ، موضحا في هذا السياق أن الجزائر عملت على تكوين الأئمة ووجهتهم لتنوير فكر الشباب بقيم الدين الحقيقية، لحمايتهم من التطرف.

وأضاف الضباط السامي السابق في المخابرات، أنه رغم بعض التضييق على الحريات في الجزائر، إلا أن المواطنين يرفضون رفضا قاطعا المساس بالتراب الوطني ووحدته وسلامته، إضافة إلى كل ما سبق ذكره فالخبرة الجزائرية في محاربة الإرهاب تجعلها قادرة على مواجهة التهديدات، مشيرا في هذا السياق إلى الاستراتيجية التي يتبعها الجيش الوطني الشعبي و الأسلاك الأمنية و التي قال إنها تبرهن يوميا على مدى قدرتها في المواجهة.

من جانبه قال الخبير الأمني بن عمر بن جانة حسب سي أن أن بالعربية، إن الاستراتيجية الأمنية المتبعة من قبل قوات الجيش و الخاصة بحماية الحدود ومكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة و التهريب و التي تعتمد على الانتشار الواسع للقوات على مستوى الحدود و تكثيف الدوريات المتنقلة، و لاسيما الاستطلاع الجوي لمراقبة المناطق الحدودية، مكنت الجيش من حماية البلاد.

وأضاف الخبير الأمني أن محاربة ظاهرة الإرهاب بشمال إفريقيا، تحتاج إلى تكاثف جهود الجزائر ودول الجوار و أيضا الدول الكبرى كفرنسا التي تتواجد قواتها بشمال مالي و الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن الجهد الأكبر-يقول المتحدث- يقع على عاتق الجزائر، كونها المتضرر الأكبر في حال استمر الوضع المنفلت في الدول المجاورة و بالأخص بليبيا التي تنتشر بها التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها "داعش".

وكانت الجزائر قد حذرت من مخاطر التدخل العسكري في ليبيا، بما أن هذا التدخل الذي أدى إلى سقوط نظام العقيد معمر القذافي، ساهم كذلك في تحول ليبيا إلى بؤرة توتر في المنطقة بعد انهيار المؤسسات وتلاشي أركان الدولة الوطنية وظهور الصراع بين القبائل والجماعات المتناحرة على السلطة، وفق وجهة نظر خبراء جزائريين.

حرره: 
م . ع