الحلقة المفقودة

أريك بندر

لكن هذا لا يكفي. فهم تنظيم إرهابي بكل معنى الكلمة،
شرطة يهودا والسامرة توجهت في هذا الاسبوع بطلب استثنائي من الجمهور جاء فيه أن الشرطة تطلب مساعدة الجمهور في التحقيق في حادثة احراق وقتل الطفل الفلسطيني علي دوابشة في دوما.
النبأ، مثل القرارات الاخيرة المتسرعة للكابنت الامني والمستشار القانوني للحكومة السماح بقائمة من الاجراءات ضد نشطاء اليمين المتطرف ويشمل ذلك الاعتقال الاداري، يشير إلى الصعوبة لدى «الشباك» في مواجهة تنظيمات الإرهاب اليهودي وتقديم لوائح اتهام ضد المشبوهين.
إسرائيل حسون الذي خدم في «الشباك» 23 سنة، اضافة إلى منصب رئيس الجهاز، قال إن «الشباك» يمكنه معالجة الإرهاب اليهودي، لذلك يجب أن يحصل على الأدوات المطلوبة من المستوى السياسي والقضائي. «لا توجد اعمال لـ «شارة الثمن» غير مكشوفة، توجد حالات تمر بدون عقاب»، قال حسون، «لا اعتقد أن الشباك لا يعرف من هو المسؤول عن اعمال «شارة الثمن»، وربما ايضا العملية في دوما. لكنه لا يملك الادوات المطلوبة من اجل تحويل البلاغ إلى لائحة اتهام. استطيع تسلق أي جدار في العالم إذا اعطيتني الادوات».
وحسب زعمه فان الشكاوى حول هذا الامر لا يجب أن توجه للشباك بل للمستشار القانوني للحكومة والمستوى السياسي، فهم، حسب قوله، لا يرون الامور بشكل مماثل. حسون يقول إنه لا فرق بين معالجة الإرهاب الفلسطيني والإرهاب اليهودي. «الإرهاب، أي إرهاب، يحمل نفس المواصفات ولا يهم إذا قام به ينكله، موشيه أو محمد»، ويضيف «اذا نجحت في اعتقال الاشخاص الذين احرقوا المدرسة ثنائية اللغة في القدس، فهذا ليس اصبع الله، هذا عمل «الشباك». إلا أن هؤلاء الاشخاص يخرجون من المحكمة مع عقوبات مضحكة. فهم يحاكمونهم على بند التسبب بالاضرار بالممتلكات. يحصلون على عامين ويقولون إن هذا مناسب. إذا كنت قد حاكمتهم على التحريض والتمرد فسيحاكمون مدة اطول. في التحقيق في حادثة احراق كنيسة الخبز والسمك وجدت لدى احد المشبوهين وثيقة مفصلة حول كيفية احراق المسجد أو الكنيسة وكيف يمكن تنفيذ عمليات وكيف يمكن مواجهة التحقيق. لو كان اسمه محمد بدل موشيه، ولو كانت العملية في كنيس وليس في كنيسة، لقاموا باعتقاله، قبل أي شيء، اعتقالا اداريا مدة عامين.
«بعد احراق المدرسة ثنائية اللغة واحراق كنيسة الخبز والسمك، مر اسبوع ـ اسبوعين إلى أن وصلوا إلى المنفذين. لكن هذا لا يكفي لأن علاج المشكلة يجب أن يكون من جميع الاجهزة. اليوم تحضرهم للتحقيق وهم يصمتون، ولا تستطيع استخدام أي اسلوب ضدهم. إذا قمت بامساك شخص كهذا فلماذا لا يجلس عامين في السجن. لذلك فان العنوان ليس «الشباك». فالشباك يعمل بأيدي مكبلة ويزعم منذ 3 ـ 4 سنوات أنه يجب الاعلان عن نشاط «شارة الثمن» كإرهاب بكل معنى الكلمة».
وحسب اقوال حسون حان الوقت لأن تستيقظ كل الاجهزة لمعالجة ظاهرة الإرهاب اليهودي بقبضة حديدية لأن من شأن هذا الإرهاب أن يتسبب بالكارثة لدولة إسرائيل: «هم خطر استراتيجي على دولة إسرائيل. هؤلاء الاشخاص لن يصمتوا حتى يهدموا الحرم ونجد أنفسنا في حرب يأجوج ومأجوج».

ليس قنبلة متكتكة

«في السابق كان للإرهاب اليهودي بنية تحتية كبيرة»، يقول عضو الكنيست آفي ديختر (الليكود) الذي كان رئيسا للشباك في السنوات 2000 ـ 2005. «اليوم نحن نتحدث عن نمط عمل مختلف. الحديث عن شباب، بعضهم قاصرين وليس لهم بصمات في الميدان. بعض المعتقلين أقل من جيل العشرين، أحيانا يكون الحديث عن واحد أو اثنين أو ثلاثة. ومن اجل زجاجة حارقة يكفي شخص واحد».
حول الفرق بين معالجة الإرهاب اليهودي والإرهاب الفلسطيني يقول ديختر: «الإرهاب الفلسطيني أوسع وأكثف كثيرا. وقد استطعنا تطوير اساليب لاختراق البنى التحتية للإرهاب، ولحسن حظنا فان الشباك ينجح في وضع يده بين الفينة والاخرى على خلية يهودية، لكن للأسف هو لا ينجح في جمع المعلومات والتقدم في التحقيق بواسطة الاعتقالات.
الاعتقال هو أحد الادوات الاكثر أهمية، لكن إذا كان امامك معتقلين لا يتحدثون في التحقيق ـ فيصعب التقدم في التحقيق لأنهم ليسوا قنابل متكتكة ولا يمكنك استخدام وسائل التحقيق ضدهم مثل المخربين الفلسطينيين، ويصعب ايضا اختراقهم لأنهم شباب فتيين. واستخدام عميل قاصر هو امر نادر فيه اشكالية».
«في الحالات المحددة لـ «شارة الثمن» فان الحديث عن خلايا صغيرة جدا»، يقول مناحيم لنداو الذي كان في السابق مسؤول عن القسم اليهودي في الشباك. «هذا ليس تنظيم مع لوائح وخلايا».
ويزعم لنداو أن المخربين يعملون في العادة في واقع مشجع أو في واقع لا يريد التعامل معهم: «بعض الآباء يؤيدون هذه الافعال ويقفون من وراء ابنائهم ايديولوجيا ولا يخرجون عن طورهم بسبب افعال الابناء. وفي المقابل هناك شباب لا يحسبون حسابا لوالديهم».
ميزة اخرى لنشطاء «شارة الثمن» هي أنه لا يوجد لهم عنوان رئيس أو زعيم. «في حينه بدأت شارة الثمن كظاهرة عقاب»، قال لنداو. «اذا هدموا بؤرة استيطانية فهم يقومون بعمل معاكس، وكان الهدف هو تهديد أو تحذير المملكة. ومع الوقت تدهور هذا واصبح اكثر شدة. ولأن اعمارهم آخذة في التناقص فمن الصعب العمل ضدهم، لا سيما أنهم لا يوجدون في اطار تستطيع الاقتراب منه».

فقط كتبوا على الجدران

امام الصعوبات التي تم طرحها، هل يمكن القضاء على الإرهاب اليهودي؟ «عندما تكافح الإرهاب فمن الصعب اقتلاع الجذور الايديولوجية التي تقف وراءه»، قال ديختر. «يمكنك اقتلاع النشطاء، أما القدرة على ادخالهم لفترات طويلة إلى السجن فهي امر اصعب، حيث يتحررون بعد اسابيع أو اشهر، لذلك أنت تقول من جهة: جيد ان الإرهاب ليس دراماتيكيا في عمليات اطلاق النار والعبوات الناسفة، لكن الزجاجة الحارقة هي قنبلة يدوية بكل معنى الكلمة».
هل استخدام الاعتقال الاداري سيساعد «الشباك» في حربه ضد الجريمة القومية اليهودية؟
«خلال المحاكمة الجنائية العادية عليك تقديم الادلة للمحكمة. اما الاعتقال الاداري فيحتاج إلى استخبارات جيدة. انت تعرف ان هذا الشخص مسؤول عن افعال او انه يريد تنفيذ افعال، لكن ليست لديك الادلة الكافية لادانته. لذلك تستطيع اجراء الاعتقال الاداري بموافقة المحكمة. ويستطيع الاعتقال الاداري ان يساعد حتى تتوفر المعلومات ويعترف المتهم بالتهمة في اعقاب خطأ ارتكبه».
«الشباك لا يعمل في فراغ، فهو بحاجة إلى المساعدة الميدانية»، قال لنداو فيما يتعلق بادوات الكشف عن المشبوهين.
«لا اعرف الان ما الذي ينقص الشباك، ولكن عند الحديث عن مجموعة صغيرة جدا فليس مؤكدا ان الادوات المتوفرة عند الشباك مناسبة لهذا النوع من العمل»، قال عضو الكنيست ديختر.
الشعور لدى الجمهور هو ان الشباك لا ينجح في مواجهة ظاهرة شارة الثمن. «لا استطيع التعايش مع هذا الشعور» يقول ديختر، «ولكن عندما حدثت العملية في كنيسة الخبز والسمك في طبرية كان عندي شعور مماثل. وكشف الشباك عن الشبكة بسرعة لكنه لم ينجح في ترجمة ذلك إلى معلومات. المشكلة الاساسية هي انه في معظم الحالات لا نهتم بذلك لان النتيجة لا تنتهي بكارثة. ليس الجمهور ولا وسائل الإعلام يهتمون بالاعمال التي نتيجتها غير دموية. مثلا يتم القاء مئات الزجاجات الحارقة. وحينما احترق الرضيع حتى الموت وصارعت عائلته على حياتها تم الاهتمام بهذا الامر. أنا على يقين أن الجيش والشباك والشرطة سيستغلون هذه الفرصة الحالية ليخرجوا في صراع لا هوادة فيه ضد الإرهاب اليهودي». «حتى الفترة الاخيرة»، قال لنداو، «فان التعامل مع شارة الثمن كان على المستوى الجنائي والمتسامح. فقد وصلوا إلى المحكمة وحصلوا على غرامة بـ 200 شيكل بسبب الحاق الضرر بالممتلكات لأنهم في نهاية المطاف كتبوا على الجدران. كان واضحا لي ان التعامل معهم يجب ان يكون مختلفا. قبل عامين تمت تسميتهم تنظيم محظور، لكن هذا لا يكفي. فهم تنظيم إرهابي بكل معنى الكلمة، وهذا يغير ادوات اللعب. قرارات الحكومة والكابنت الاخيرة تشير إلى التعامل الجدي اكثر مع الظاهرة. وآمل أن تضاف إلى هذه القرارات قوانين تشريعية لأن الشباك يعمل في اطار القانون. ويا ليت انهم فعلوا ذلك من قبل. اليوم احرقوا رضيع ومن يعرف ماذا سيفعلون في الغد».
ديختر يلخص أنه في نهاية الامر المسألة مسألة ردع: «يجب ردعهم كي يفهموا انهم لا يستطيعون سحب دولة كاملة من انفها ولا يستطيعون تحديد نسيج العلاقات مع الفلسطينيين من خلال الخارج على القانون الذي يكتب على الجدران «محمد خنزير» ويثير غضب الالاف أو ينفذ عملية بزجاجة حارقة قد تتحول إلى عملية لها نتائج استراتيجية».

معاريف

 

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: