ما زالوا متلهفين للاتفاق

محمد حمدان

بقلم: ابراهام بن تسفي

 

إن حقيقة مرور موعد الاتفاق الدائم بين الدول العظمى وإيران حول السلاح النووي من غير أن يتصاعد الدخان الابيض، تثير الاستغراب. ليس هناك أي مؤشر على تراجع أو زوال اندفاع واشنطن لانهاء المفاوضات بنجاح. بل العكس، يتبين في الاشهر الاخيرة أكثر فأكثر أن الرئيس اوباما قد حول موضوع الاتفاق إلى هدف مركزي، وأن تحقيقه سيغطي على جميع اخطاءه وفشله في الشرق الاوسط، حيث سيُبشر بذلك عن بدء مرحلة جديدة تكون فيها إيران الشريك الجديد.

اوباما مصمم ويؤمن بسياسة المصالحة، التي تستند إلى مجموعة واسعة من خطوات بناء الثقة في الاقتصاد، وتضع نظام آيات الله على خط التعامل البراغماتي والمعتدل. عن طريق جزرة الاستثمارات الاقتصادية والغاء العقوبات، يتم وضع الاساس لتعاون سياسي واستراتيجي قوي بين واشنطن وطهران، يكون مركزها استعداد النظام الإيراني للعب دور اساسي في الصراع للقضاء على «تنظيم الدولة». ومن اجل تحقيق هذا الحلم تستمر الادارة الأمريكية الآن ايضا في التدهور باتجاه الاتفاق الدائم وبأي ثمن، وهذا من خلال غض النظر والتغاضي عن استمرار العمليات الإرهابية التي مصدرها العاصمة الإيرانية والتي تشمل المنطقة كلها.
ليس فقط أنه لا توجد صلة بين الموضوع النووي الإيراني وبين البعد التقليدي وما تحت التقليدي، بل إن الجوهر النووي للاتفاق مليء بالثغرات التي ستمنح النظام الإيراني الفرصة لأن يسير نحو القنبلة بعد نحو عشر سنوات، مع انتهاء الرقابة فعليا.
على هذه الخلفية، فان حقيقة مراسيم التوقيع الاحتفالية على الاتفاق لن تتم في 9 آب كما هو متوقع، تثير الاستغراب. وتفسير هذه المفارقة التي ترتبط بطريقة غير مباشرة مع السلاح النووي، لا يؤشر على صحوة متأخرة من جانب الدولة العظمى الأمريكية، بل يرتبط بالعلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، وعلاقة اوباما مع فلادمير بوتين، التي في مركزها عمل الكرملين العسكري المتواصل في شرق اوكرانيا والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا في أعقاب ذلك. على ضوء هذه العلاقات المتوترة لا توجد للبيت الابيض مصلحة في أي خطوة من شأنها تحسين ولو قليلا وضع الاقتصاد الروسي الصعب. هذه هي الخلفية بالضبط، التي تربط بين المسار الأمريكي ـ الروسي وبين المفاوضات الحالية مع إيران.
روسيا التي تحتاج بشكل ملح إلى العملة الاجنبية، وعلى ضوء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فهي تريد أن تدخل وبسرعة إلى سوق السلاح الإيرانية. لهذا فهي تؤيد اضافة إلى الصين طلب إيران رفع الحصار الاقتصادي وتقديم السلاح التقليدي، هذا الحصار الذي فرض في 2006 من قبل مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وبالذات على ضوء حقيقة وجود صفقة صواريخ ارض ـ جو من نوع اس.300 تعهدت روسيا ببيعها لطهران في عام 2007، وقررت في النهاية تجميدها في عام 2010. هنا تتداخل الضائقة الاقتصادية الروسية مع الاعتبارات الجيواستراتيجية لبوتين وتنمي موقفا روسيا شاملا بتأييد الرفع السريع للعقوبات العسكرية عن إيران، التي تشجع روحاني وظريف على التشديد على مواقفهما.
إن الولايات المتحدة تخشى من تطور مكانة روسيا كحليفة وكمزودة للسلاح في الساحة الإيرانية. وهي تصمم مع الرئيس الـ 44 على التوصل إلى الاتفاق، والخلاف الحالي ايضا لن يمنع تحقيق هذا الحلم، حتى لو كان الثمن قيام قوة عظمى اقليمية متطرفة تبث القوة وتحاول تهديد محيطها الاستراتيجي. لم يبق سوى الأمل بأن يصمد مجلس الشيوخ الأمريكي في هذا التحدي حيث سيكون لديه 60 يوما من اجل فحص الاتفاق بعد التوقيع عليه.

إسرائيل اليوم

 
حرره: 
م.م