ثمن الصراع ضد تنظيم الدولة

هامفي

ايال زيسر

قام متحدثون أمريكيون بتصفية تنظيم الدولة أكثر من مرة خلال العام الماضي، لكن على الارض ما زال التنظيم حي ويتنفس. ويبدو أن وضعه لم يكن أفضل مما هو الآن وليس فقط في سوريا والعراق. في نهاية الاسبوع ارسل التنظيم التهنئات بشهر رمضان، مُذكرا بوجوده، في كل زاوية في أنحاء الكرة الارضية، بدءً من تونس ومرورا بفرنسا وانتهاءً بالكويت. حتى في القدس تم توزيع منشورات تحمل توقيعه وتطلب من المسيحيين ترك المدينة وعدم تنجيسها مع قدوم شهر رمضان.

يبدو أن واشنطن فهمت منذ زمن أن الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة تنظيم الدولة قد فشلت، وأن القصف الجوي لن يؤدي إلى الحاق الضرر الحقيقي به. وقد بادر الأمريكيون إلى استراتيجية جديدة في أساسها تجنيد حلفاء محليين مثل الاكراد في شمال العراق وشرق سوريا، ومليشيات شيعية في جنوب العراق. حيث يوجد لهؤلاء مصلحة وجودية لمحاربة تنظيم الدولة من اجل الدفاع عن البيت، وبمساعدة الأمريكيين يتبين أنهم محاربون مصممون وفعالون في الدفاع عن بيوتهم. ومن الجدير أن يقوم الأمريكيون بتوسيع هذه الاستراتيجية لتشمل جبل الدروز في جنوب سوريا.
هذه القوى الطائفية تستطيع الدفاع عن البيت في وجه تنظيم الدولة، لكنها لا تريد ولا تستطيع احتلال المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، والتي تعتبر اغلبية مواطنيها سنيين. هذا الهدف يتطلب قوة دول، وليس هناك دول كهذه على ضوء انهيار وتفكك العراق وسوريا.
حاول الأمريكيون ايجاد ائتلاف سني يحارب تنظيم الدولة، لكن هذا الائتلاف كان وهميا وأثبت في كل مرة أنه غير ناجع. السعودية منشغلة في الحرب في اليمن، أما أنقرة فهي غير معنية بمحاربة تنظيم الدولة بالفعل، وفي النهاية فان معظم المتطوعين يصلون إلى التنظيم عن طريق تركيا. أما المتمردون السنيون في سوريا فيعتبرون بشار الاسد العدو الرئيس لهم. وبشكل عام، إذا سقط بشار الاسد فمن الصعب رؤية المتمردين ينجحون في كبح تنظيم الدولة. وفي كل مكان يخرج فيه تنظيم الدولة لمحاربة هؤلاء المتمردين، تكون الافضلية له.
من هنا يمكن فهم الاهمية التي توليها الولايات المتحدة لتجنيد حلفاء جدد لمحاربة تنظيم الدولة ـ إيران، وبشكل غير مباشر نظام الاسد وحزب الله. فحسب المنطق يستطيع الشيعة في لبنان والعلويون في سوريا، مثل الاكراد، محاربة تنظيم الدولة، أما إيران فهي تمنح القوة السياسية الغائبة في مواجهة التنظيم في الوقت الحالي.
إن تحالف كهذا قائم في العراق بالفعل ـ حتى وإن كان غير علني وغير مباشر. حيث تدعم كل من واشنطن وطهران المليشيات الشيعية نفسها التي تحارب تنظيم الدولة. يمكن أن تكون سوريا هي المكان التالي. ليس غريبا أن هناك من يطرح هذه الفكرة ـ بغض النظر عن غرابتها والخيال فيها ـ لأنه إذا سقط بشار الاسد ووصل تنظيم الدولة إلى مشارف لبنان وهضبة الجولان، فسينشأ تفاهم اسرائيلي إيراني مثلما كان في ايام الشاه، أي النضال المشترك أو على الأقل التنسيق بين الدولتين على ضوء التهديد الذي سقط عليهما.
هذه فكرة لامعة لكنها تبدو الآن بعيدة عن الواقع. لكن هذا الامر واضح في واشنطن، نظريا في هذه المرحلة، واستعداد واشنطن بسبب تهديد تنظيم الدولة لها لأن تعطي الشرق الاوسط لإيران، والاتفاق النووي ما هو إلا خطوة اولى حيث أن السلاح والمستشارين الإيرانيين يتدفقون إلى العراق وسوريا، ويمكن أن تكون المرحلة القادمة ارسال قوات إيرانية، حتى ولو كانت من المتطوعين. في مقابل هذا الاحتمال، حتى إذا باركته واشنطن، فان على اسرائيل الوقوف على قدميها الخلفيتين. محظور علينا الصمت، بسبب ضرورة تورط إيران في المستنقع السوري، وأن نتجاهل ضرورة منع تواجد قوات عسكرية إيرانية على الحدود الاسرائيلية، دون أن يتم التنسيق مع اسرائيل.
الادارة الأمريكية تريد انهاء الولاية الحالية في تشرين الثاني 2016 بسلام. والمشكلة هي أننا سنبقى في الشرق الاوسط حتى بعد هذا التاريخ.

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م.م