هدوء في الجولان

يوآف ليمور

هرع الجيش الإسرائيلي أمس ما أن تحدثت الانباء عن الدراما التي تقع زعما في الطرف السوري من هضبة الجولان. الحدود هادئة، اوضحوا، ولا يوجد في هذه اللحظة أي خطر حقيقي على الدروز، ومن هنا فانه لا داعٍ ايضا للهستيريا.
كان من الأفضل أن يضاف لهذه الاقوال المهدئة كلمة «حاليا». فمسؤولو الجيش الإسرائيلي قدامى ومجربون بما يكفي كي يعرفوا بأن ما يحصل اليوم على الحدود السورية، هو في اقصى الاحوال «حقيقة حالية»، وغدا كفيل بان يكون الحال مختلفا تماما. فللأحداث في سوريا دينامية خاصة بها، ومن شأنها أن تتطور في اتجاه ووتيرة تختلف عما يتوقعون (او يرغبون) في إسرائيل.
وجع الرأس الأساس يتعلق الان بالدروز في قرية الخضر في شمالي الجولان، والتي تبقت جيبا شبه وحيد لا يزال موال للنظام السوري ويسيطر عليه جيشه. وخلافا للتقارير، التي أغلب الظن نشرت بشكل مغرض، وان كان مفهوما، من جانب ابناء الطائفة الدرزية في إسرائيل ممن يخافون على مصير اقربائهم ـ فان المعارك هذا الاسبوع جرت بمحاذاة القرية وليس في داخلها، وبالتأكيد لم تتضمن مذبحة للدروز.
لقد احتلت منظمات الثوار التي تقاتل ضد الجيش السوري موقعين مجاورين للقرية منه، ولكن في هذه المرحلة امتنعت عن الدخو اليها. ولعل هذا ينبع من حقيقة أن جبهة النصرة (وكذا داعش) امتنعت حتى الان من المس بالدروز بشكل عام في اراضي سوريا، ويمكن ان يكون التفسير بذلك هو الخوف من الصدام مع سكان القرية ـ الكثيرون منهم مسلحون ومدربون على القتال. وبالتأكيد يحتمل أن يكون السبب مغايرا ويرتبط بإسرائيل، التي نقلت رسائل واضحة لقوات الثوار من مغبة المس بالدروز ـ في الخضر وكذا في جبل الدروز، البعيد عن إسرائيل والمحاذي للأردن ـ مثلما صرح أول امس رئيس الاركان غادي آيزنكوت، امام لجنة الخارجية والامن في الكنيست.
في الجيش الإسرائيلي ايضا يعرفون ان صورة الوضع هذا كفيلة بان تتغير بسرعة، وهي تفترض على الاقل استعدادا مسبقا. ومع ان لإسرائيل حلف دم مع الدروز، الا ان ليس في نيتها استيعاب الاف اللاجئين من المواطنين السوريين. وبالمقابل، فان التزامها العملي بانها لن تسمح بالمس بهم كفيل بان يضعها أمام معضلة، لا بد ستتعاظم مع الضغط المتوقع لتقديم المساعدة من جانب ابناء الطائفة الذين يعيشون في البلاد.
بين هذه البدائل السيئة ـ في حالة احتلال القرية وحرب جماعي لسكانها ـ ستتطلع إسرائيل لان تقيم منطقة فصل قرب الجدار، مثابة جيب يستوعب فيه اللاجئون الدروز في الاراضي السورية ولكن تحت ضمانة امنية إسرائيلية، حيث يكون الشاذون الوحيدون الذين سيسمح بدخولهم إلى إسرائيل هم الجرحى والحالات الانسانية الاستثنائية. مشكوك ان يكون هذا كافيا، وعلى إسرائيل أن تخطط لحالات وردود افعال على وضع تخرج فيه الامور عن نطاق السيطرة، بما في ذلك من جانب الدروز من سكان إسرائيل، ولكن في مثل هذه الحالة ايضا، فان الهدف الاسمى يجب أن يضمن قدر الامكان الا تجتذب إسرائيل إلى الحرب الاهلية في سوريا.

إسرائيل اليوم

 

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: