السلام الآن وإلا فلا

الجيش الاسرائيلي

عندما تكون لإسرائيل قيادة تضع في رأس سلم الأولويات إنهاء الاحتلال فإن التسوية قريبة
بقلم نيفا لنير

في الثمانينيات كتب ايهود منور لملحق نهاية الاسبوع في صحيفة «دافار». في كل يوم اربعاء، في منتصف النهار تقريبا، كان يأتي إلى اسرة التحرير ومقاله في يده. في احدى المرات جاء ووضع على طاولتي صفحة واحدة مع سطور قصيرة. «هذه قصيدة»، قال، «اذا لم تكوني ترين انها ملائمة للصحيفة فلا تنشريها». وفي نهاية ذاك الاسبوع نشرت قصيدة «ليس عندي بلاد اخرى» في رأس الملحق.

لماذا أكتب عن ذلك؟ ايام قاسية وايام سيئة كانت ولا تزال لنا كثير مثلها. ولكن هل كانت لنا ايام بائسة وكريهة كهذه الايام، حين تبدو الحكومة والكنيست كدائرة المساحة، في الفحص لمن توجد «حقيبة» اكبر، وحين من دار الحكومة في القدس «يرون النهاية» (وشكرا لافرايم سيدون، موتي كرشنباوم وب. ميخائيل، كُتّاب النقد بهذا الاسم) ـ نهاية الاحتمال للعيش هنا عيشا طبيعيا؟ انتم تعرفون الحقائق والادلة. وهي تنشر كل يوم وكل ساعة. تمأ عواميد الاخبار، النشرات والملاحق وتعرض تسلسلا زمنيا للبؤس والملل.

وفي هذه الأثناء، في اليسار وفي الوسط، يتباحثون: كيف حصل هذا؟ إلى اين اختفى التحول؟ ويواسون أنفسهم بالاستنتاج بان المشاكل الاساس للمجتمع الإسرائيلي تعزز حكم نتنياهو، وأعطته ولاية رابعة وربما ستعطيه خامسة ايضا. «في نظر معظم الجمهور»، يكتب زئيف شترنهل («هآرتس»، 29/5)، «يفضل نظام استعماري على المواجهة مع المستوطنات، والطبقات الفقيرة تضحي طوعا بمصالحها الاقتصادية على مذبح التفوق القومي». وعليه، «فاذا لم تجتز طبقة القيادة الحالية للوسط ـ اليسار ثورة ثقافية وفكرية عميقة، فلن تكون أهمية حقيقية لمسألة من يحكم هنا».

خطأ. مسألة من يحكم في إسرائيل دراماتيكية وحرجة. اذا ما وعندما تكون لإسرائيل قيادة تضع في رأس سلم الاولويات انهاء الاحتلال، رغم كل المصاعب، فان إسرائيل والفلسطينيين كفيلون بالوصول إلى تسوية. بمعنى، ان التحول اللازم هو تحول في القيادة. تغيير قيادة الوسط ـ اليسار. ولنقل اقوالا واضحة: الوسط ـ اليسار لن يعود إلى الحكم بلا قيادة قابلة للانتخاب، يمكن لزعمائها أن ينتخبوا (المصداقية، القوة، التجربة، الاستقامة الشخصية والثقافة) ويشكل الكتلة الاكبر في الكنيست؛ قيادة تعرض خططا مفصلة لتغيير سلم الاولويات الوطني، وخطة سياسية واضحة؛ وليس أقل اهمية، التخطيط منذ الان لمعارضة مشتركة لكتل الوسط ـ اليسار، تكون اساسا للائتلاف الذي ستتشكل منه حكومة إسرائيل القادمة.

ولماذا ينبغي عمل ذلك الان؟ كي ينظموا أنفسهم. من اجل وقف الشقاق ووقف النزاع فيما بينهم. كي تتمكن القيادة من أن تعرض على الجمهور مواقفها، وكي يعترف الجمهور بقدراتها، وليس في خمس دقائق تناسب نتنياهو. وفضلا عن ذلك، هل يعرف احد ما متى ستجرى الانتخابات القادمة؟

هل مثل هذه الخطوة ممكنة؟ هرتسوغ ولبيد وعدا بعد الانتخابات بان «أنا سأكون رئيس الوزراء القادم». لبيد من جهته روى بانه بدأ باعداد البنية التحتية للحكومة القادمة، «لهذا فأنا ساسافر إلى الولايات المتحدة الاسبوع القادم لعقد لقاءات سياسية. علينا ان نحقق المصالح السياسة للدولة، لان الحكومة لا تفعل ذلك». وان لم يكن هذا باعثا على الشفقة فانه باعث على الضحك. كلاهما لم يتعلما شيئا من الاخطاء والترهات التي ارتكباها وقالاها. ولكننا نحن، المقترعين، لا ينبغي أن نكون رهائن في ايدي الزعماء الذين يرون في فشلهم انجازا كبيرا.

في الصيف الماضي ناشدت هنا رون خولدائي ويوفال ديسكن ان «يسخنا نفسيهما على الخطوط». حان الوقت لان يجتازاها. ان لم يكن الان، فلن يكون.

هآرتس 

حرره: 
س.ع