عندما ترفص المحكمة العليا قرارات الحكومة تتعزز مكانة إسرائيل كديمقراطية دستورية

أسرة التحرير

التغييرات في مكانة المحكمة العليا، والتي أعلن رئيس الوزراء عن نيته لانتهاجها، تتعارض والتزاماته قبل شهرين، في احتفال تبديل رئيسي المحكمة، الا يمس بمكانتها. لا يمكن أن نعرف اذا كان قال في حينه امورا لا ينبغي أن نصدقها، أم أنه يتخذ الان موقفا معاكسا كي يسمح للمعسكر الصهيوني بالانضمام إلى الحكومة بحجة انقاذ المحكمة. ولكن تطبيق خطته سيمس بشدة في اثنين من اهم انجازات إسرائيل واللذين هما اساس كونها دولة ديمقراطية: مهنية واستقلالية السلطة القضائية، والقانون الاساس: كرامة الانسان وحريته.
المحاكم، وعلى رأسها العليا، هي منظومة مهنية تمكن مؤسسوها من تحريرها من الحاجة إلى ارضاء القوى السياسية. فالقضاء وخدمة الجمهور هما الموجهان الوحيدان لعملها. ولهذا السبب فانها لا تزال تتمتع بثقة الجمهور، رغم التحريض الذي يخوضه ضدها سياسيون وذوو مصالح على مدى السنين. ولهذا السبب ايضا تحظى إسرائيل بالتقدير في العالم، والامور هامة على نحو خاص حين يحوم فوقها تهديد المحكمة في لاهاي.
ان لنقل الوزن في لجنة الانتخاب للقضاة إلى السياسيين معنى واحدا فقط: ان يتسلل الاعتبار السياسي والرغبة في ارضاء السياسيين إلى قرارات المحكمة في كل الهيئات، فيصفى العنصر المركزي في الديمقراطية الحقيقية الا وهو المحاكم المستقلة الخاضعة للقانون.
يسعى رئيس الوزراء إلى أن يصفي ايضا القانون الاساس: كرامة الانسان وحريته. فمادة التغلب التي يسعى إلى تثبيتها ستسمح للمشرع بأن يسن من جديد قانونا رفضته محكمة العدل العليا لكونه يتعارض والقانون الاساس، باغلبية 61 نائبا. فتشريع قررت المحكمة العليا بانه يمس بالحقوق الثابتة المنصوص عليها في القوانين الاساس لا يحتاج الا إلى الاغلبية الائتلافية، بشكل يسمح بائتلاف موضعي للمس بالاقليات، الذين يمثلون اساسا في المعارضة، سواء كان هذا هو الجمهور العربي (اليوم) او المستوطنون (غدا). أما القول ان اغلبية تسعة قضاة من اصل 11 يمكنها أن ترفض قانونا فيفرغ من محتواها الرقابة القضائية على أي حال.
ان اهمية القانون الاساس: كرامة الانسان وحريته هي في الحماية التي يمكن ان تمنح للاقلية وللضعفاء ممن يسهل في الغالب تجاهل حقوقهم. وقرارات الرفض من محكمة العدل العليا بموجب القانون الاساس عززت مكانة إسرائيل في العالم كديمقراطية دستورية، حتى وان كانت أثارت الانتقاد لدى هذا الجانب أو ذاك، فانها على نحو متراكم عززت كرامة الانسان في إسرائيل.
محق موشيه كحلون إذ قال انه لن يوافق على المس بمكانة المحكمة. وينبغي الامل في ان يتمسك بموقفه هذا.

هآرتس

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: