الجميع يتشابهون

يورام دوري

لقد مرت 42 سنة تقريبا منذ بقيت في سيناء، هناك في مدخل المزرعة الصينية، بالقرب من مفترق لكسكون. هناك أصبت برصاصة من سلاح خفيف في اللحظة التي نجحت فيها في القفز من دبابة نائب قائد الفصيل. أنت يا موشيه بقيت في سيناء، أما أنا الذي كنت في دبابة اخرى بالقرب من المكان حظيت بالعودة. وأنت أصغرنا، بقيت هناك.
ودعنا بعضنا، هناك في رمال سيناء، قبل أن نخرج إلى عملية «فرسان القلب» لشق الطريق إلى القناة، ولكن في الحقيقة لم نفترق، بقينا اصدقاء مقربين. أمس احتفلت بحفيدتي رومي لبلوغها سن الـ 13، سن البلوغ. أنت تمكنت من المشاركة فقط في احتفال الطهور لوالدها ساهر، الذي ولد قبل اشهر معدودة من الحرب، حتى أنك تمكنت من تقديم هدية للطفل الجديد المولود ثوب باللون الازرق. ايضا عروستنا رومي حظيت بأن تلبسه أيضا لدى خروجها من البركة. هذا الثوب محفوظ لدينا حتى اليوم. ليس صدفة أن اللون المفضل عند رومي هو اللون الازرق.
أنت لم تحظ بانشاء عائلة، لا أولاد ولا أحفاد، وحتى مواصلة منح الحب نفسه لابنة أختك الصغيرة عنات، لم تحظ، ليس باخراجها من الروضة بالقرب من البيت ولا بالمشاركة في فرحة ولادة أبنائها، ايضا ليس في حفلة التجنيد لبعضهم.
لم تقف بالقرب من فراش موت أبيك يعقوب، عندما كان يصارع المرض بعد جلطة شديدة. أمك طلبت مني الحضور، فربما وجودي في المستشفى ينجح في ايقاظه من الغيبوبة. ولكن عبثا. فقدانك قضى عليه.
كما أنك لم تصل إلى جنازة أمك، آيدا، التي دفنت قرب أبيك في قسم الآباء الثكالى في كريات شاؤول. من اجل أن يكونوا «قريبين منك»، كما يقول قسم تخليد الجنود. آيدا ويعقوب واصلا حياتهما، تركا غرفتك كما كانت، على أمل أنه ربما ترجع. لقد قفزا ليسمعا كل صوت خطوات على درج البيت في يد الياهو آملين أن يسمعوك تتجادل ولو مرة واحدة اخرى على سخافة ما مع أختك البكر عيدا. من الآن فصاعدا همسا لأنفسهما أنهما سيقفان فقط إلى جانبك. والداك أدركا بدون أن يوافقا أن رغبتهما هي الافتخار بك كطبيب، لن تتحقق. إلى بولونيا لن تعود ثانية لمواصلة دراسة الطب. ولن تصبح طبيبا نسائيا.
والدك وظف كل قدراته في تصميم قبرك في كريات شاؤول، تلك البلاطة الحجرية وعليها رمز الجيش مع اسمك. لقد عرف من خلال قدراته المدهشة أن يضيف القليل من الحياة إلى القبر الصامت. لقد حاول إحياءك ايضا بواسطة الالبوم الجميل الذي عمله، الالبوم الذي لم ينهه. بواسطة عمله على الالبوم نجح في كل يوم في أن يشعر بك ثانية. عيونه الدامعة لم تزعجه في مهمة التشكيل.
والدتك لم تنجح في استعادة حيويتها. حياتها استمرت كما يبدو. اليوم يستخدمون كلمة كما يبدو فقط في الامور الجنائية، هكذا يلقبون مجرمي الياقات البيضاء إلى حين إدانتهم. آيدا ملدنر عاشت كالعادة كما يبدو. كما يبدو قامت في الصباح بعد ليلة بدون نوم. كما يبدو دخلت إلى الفراش في الليل وهي تعرف أنها ويعقوب لن يغمضا أعينهما. كما يبدو عملت في البيت. كما يبدو التقت مع صديقاتها. كما يبدو بقيت على قيد الحياة بعد أن لم ترجع.
في النهاية، صديقي، هناك شيء ما حقيقي. تقريبا 42 سنة مرت من يوم سقوطك. كنا قبل اسابيع في انتخابات للكنيست، اليوم نحن بعد عدة اسابيع من الانتخابات. التهديدات حولنا غيرت وجهها لكنها بقيت نفس التهديدات. الانقسامات الداخلية غيرت صورتها لكنها بقيت نفس الانقسامات. القيادة ايضا غيرت وجهها لكن يبدو أنه للأسف ايضا في هذا المجال بقينا مع ضيق أفق وعجرفة وغطرسة.

معاريف

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: