ليس فقط أجهزة الطرد المركزي

ابراهام بن تسفي

على عتبة تحول إيران إلى دولة نووية، يتركز النقاش العام حول الاتفاق النهائي الذي يقف على الباب والذي يتضمن العديد من الامور التقنية والتكنولوجية مثل عدد اجهزة الطرد المركزي التي يمكن لنظام آيات الله تشغيلها، وقدرتها التخصيبية. رغم أهمية هذه المواضيع المركزية التي تثير القلق وتُظهر حقيقة أن المجتمع الدولي «بزعامة الولايات المتحدة» سلم عمليا بتحول إيران إلى دولة ذات خيار نووي. بقي تحت الرادار عدد لا بأس به ومهم من المواضيع المتعلقة بالمكان الجديد لطهران في النظام العالمي القائم وتعطيها موقع ومكانة شرعية في أسرة الشعوب.
الاتفاق النهائي من شأنه منح إيران تذكرة دخول جديدة إلى العرض المركزي في الساحة الدولية من غير أن تضطر إلى الاستجابة للحد الادنى من شروط الدخول باستثناء السياق النووي. بكلمات اخرى، التوقيع على الاتفاق النووي الذي سيجر خلفه الانهيار الذي لا يمكن منعه لنظام العقوبات الاقتصادية والاندماج السريع لإيران كلاعبة متساوية الحقوق في النظام الاقتصادي، المالي والاستراتيجي، التوقيع الذي من شأنه أن يشكل ضوءً اخضرا بالنسبة للحرس الثوري للاستمرار في نشاطاته الإرهابية المتشعبة بوحي علي خامنئي، بدون عراقيل او تقييدات او ملاحقات من جانب منتدى الستة او أي اطار دولي اخر. الحقيقة بأن التقييدات التي ستوضع على إيران ستكون فقط ذات علاقة بالذرة ستكون بهذا كشيك مفتوح او دعوة لها لتوسيع وتقوية نشاطاتها في مجال الإرهاب تحت التقليدية.
يجدر التذكير بالتراجيديا الامريكية التي حدثت في 23 تشرين الثاني 1983 على مداخل بيروت عندما قتل ليس اقل من 241 من جنود المارينز في عملية تفجير مفزعة من انتاج حزب الله، ويجدر التذكير بالقتل الفظيع لرئيس بعثة الـ سي.آي.ايه في لبنان وليام باكلي الذي قتل في بيروت في 16 آذار 1984 على يد مجموعة إرهابية من انتاج إيران واكتشفت جثته بعد سبع سنوات، وكذلك المفاوضات المطولة والعقيمة التي ادارها ملاحو ادارة الرئيس رونالد ريغان مع ممثلي نظام الخميني في طهران بعد ان كان باكلي لم يعد بين الاحياء (مات في الاسر في حزيران 1985). الا تقف هذه الاحداث امام عيون «كل رجال الرئيس» عندما قرروا وبتوقيع يدهم على تبييض كل جرائم إيران في الساحة الامريكية.
على هذه الخلفية لم يبق لنا سوى الاندهاش اين اختفت الذاكرة المنظمة الامريكية، التي في قضية بولارد ـ المختلفة في جوهرها بصورة كاملة عن الموضوع الإيراني ـ بقيت مجمدة في نفق الزمان وترفض ان تغرق وتختفي؟ هل يتم الحديث هنا فقط عن العلاقة باسرائيل او بيهود الشتات الذين شكلوا هدفا دائما لممثلي ومبعوثي دولة الإرهاب الإيرانية، وذلك رغم ان بصمات إيران القاتلة تم تشخيصها بوضوح بين انقاض مركز الجالية اليهودية في بيونس آيريس وفي مطار بورغاس وفي اماكن اخرى في ارجاء العالم؟.
من ناحية الحاكم الامريكي المسيطر، يجب ان تقف على سلم الاولويات ذكرى جنود ومواطنين امريكيين كثيرين سلبت حياتهم على يد النظام الإيراني وعلى يد المؤتمرين بأمره. هل نسيت هذه الجرائم، ومحيت واختفت ازاء السعي لتحقيق حلم المصالحة مع الرئيس حسن روحاني بأي ثمن وذلك لتحقيق حلم الانفصال الامريكي عن الشرق الاوسط بعد تسوية الازمة النووية مع إيران؟
ألا يجب ان يتضمن اتفاق المصالحة محاسبة إيرانية للنفس واعترافا بالمسؤولية عن اعمال إرهابية خارج حدودها، سلبت ارواح الكثيرين جدا؟ وهكذا، ففي الوقت الذي يكون فيه الاتفاق النهائي الاخذ في التبلور محاطا بالمخاطر والاخطار وعلامات الاستفهام بشأن قدرته على كبح وتقييد حلم القنبلة الإيرانية لا يوجد ادنى شك بخصوص خطورة البعد غير النووي لهذا الاتفاق، الكامن في حقيقة ان ذات جوهره ووجوده مثلها مثل شطب الدين الاخلاقي لإيران ليس فقط الذي تدين به لاسرائيل بل ايضا للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي.

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م . ع
كلمات دلالية: