ما خفي أعظم.. 30 حالة محاولة انتحار شهريا في غزة، إلى متى؟

انتحار
زاهر الغول

(خاص) زمن برس، فلسطين: نحو 30 محاولة انتحار تصل شهريا إلى مجمع الشفاء الطبي، اكبر مشافي قطاع غزة، رقم كبير لا سيما أن ما أخفي وظل حبيس جدران المنازل أعظم، لذلك شدد مختصون على ضرورة دق ناقوس الخطر خشية من تحول الانتحار من مشكلة فردية الى ظاهرة في ظل وضع اقتصادي واجتماعي سيئ يعيشه المواطنون في القطاع.

هنا تطرح أسئلة كثيرة ومشروعة، ما الذي يجول بخاطر شبابنا وهم يضعون الانتحار حلاً لأزماتهم المتعددة؟ وما الذي يجعل فتاة في مقتبل العمر تنهي حياتها؟ هل هو تمرد قاتل ضد كل ما يسلب إنسانيتهم وكرامتهم؟ ام حالة احتجاج أخيرة ضد عالم لم يعترف بوجودهم وسلطة مشغولة عنهم بما هو أكثر أهمية من إنسانية شبابنا ونساءنا وكرامة هذا الوطن؟

بحالة إغماء وضيق في التنفس، وصلت المسنة (ا.ط)  الى مستشفى الشفاء الطبي بعد ان تناولت شريطين من الحبوب المهدئة واقراص علاجها من الضغط في محاولة منها للتخلص من حياتها التي أصبحت بالنسبة لها تعيسة حيث انها لا تستطيع تحمل متاعبها وأعباءها.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها تلك المسنة الى المشفى في محاولة منها لوضح حد لحياتها، ولكنها المرة السابعة خلال ثلاث سنوات فقط، فعلى الرغم من انها ام لخمسة شباب الا ان وجودهم كعدمه بالنسبة لها، وخاصة ان كلهم عاملين ولكن لايصرفون عليها وعلى اخواتهم الثلاثة اللاتي لا حول ولا قوة لهم سوى الصبر.

وتقول (ا.ط) لزمن برس عن سبب اقدامها لقتل نفسها عدة مرات، في انكسار وسط دموع تُبلل وجهها ونظرات تخلوا من الأمل "باختصار أولادي عاقون، لايعطوني شيئا حتى اخواتهم ولا يتولون رعايتي انا ووالدهم المسن، طلبات بناتي الأساسية وسوء الحال اشعر بأن الدنيا تضيق علي ولا وسيلة لعقابهم سوى التخلص من حياتي لمعاقبتهم وليكون غضب الله عليهم".

احصاءات

بلغت محاولات الانتحار في قطاع غزّة في العام 2009، حوالي المائة محاولة، كان من بينها سبع محاولات انتهت إلى الوفاة.

وفي عام 2011، انتحر10 مواطنين، وسجلت 363 محاولة انتحار ومنذ عام 2009 وحتى حلول العام 2012 تضاعف هذا العدد أربع مرّات ليصل إلى قرابة 400 محاولة موزّعة على مساحة القطاع الضيّقة، من بينها 3 حالات انتحار سجلت في شهر آب من العام ذاته في محافظة خانيونس وحدها.

فيما اليوم، وبحسب إحصاءات قسم الاستقبال في مجمّع الشفاء الطبي، أكبر مستشفى في غزّة، فإنّ 30 محاولة انتحار شهريّة تصل إليها، ما يعادل حالة واحدة يومياً. وهناك بالتأكيد حالات لا تصل إلى المستشفيات، وتعالج في المنزل أو في مستوصفات صغيرة وبعيدة عن الأضواء الإعلامية وبعضها يجري التستر عليه. وتدل الأرقام المعلنة على زيادة مطّردة في حالات الانتحار، سواء أفضت إلى الموت أم لا.

الا ان ما تحدث به الدكتور عماد الفيومي رئيس قسم استقبال الباطنة في مجمع الشفاء الطبي يدق ناقوس الخطر بشكل حقيقي ، اذ قال في تصريحات صحفية، انه يصل لقسم الباطنة شهريا ما بين 30-40 حالة محاولة انتحار متعددة ، بما يعادل حالة واحدة يوميا تصلهم.

مسببات للانتحار

نفسيا، فقد عزت ملك خليل اخصائية نفسية عملت في عدة جمعيات ومؤسسات مجتمعية وارشاد نفسي، ظاهرة الانتحار لعدة عوامل وأسباب كانت المشاكل الاقتصادية اكثرها غلظة كالفقر، والبطالة وعدم الحصول على المهن اللازمة على الرغم من الشهادات والمؤهلات، أو فقدان المهنة، مضيفة المشاكل الأسرية واحترام الذات متمثلة في الصراعات الأسرية الشديدة بين أفراد الأسرة وخاصة الوالدين، وتواجد الطفل أو المراهق مع زوجة أب قاسية او زوج أم قاس، كذلك التعرض المتكرر للطفل بالضرب والإيذاء أو الحرمان العاطفي،و إهمال الطفل وحاجته النفسية والجسدية،وتعرض المراهق للنقد المستمر وعدم احترام ذاته ومشاعره،أيضا حالات الاغتصاب للنساء،وتعليم الوالدين المتدني. مؤكدة، ان هذه مجموعة اسباب قد تؤدي جميعها إلى الوصول إلى حالة اكتئاب شديدة ومن ثم التفكير في الانتحار.

كما أن الشعور بالذنب أو الوحدة يُعتبر سببًا رئيسيٍّا في الانتحار الى جانب الرغبة في عقاب الذات، أو الشعور بالوحدة والاعتقاد بأن العالم لا يفهمه ولا أحد يشعر به، كما أن عدم قدرة الشخص على توجيه العقاب للآخرين فيوجه العقوبة لذاته قد تؤدي للانتحار، تقول الاخصائية.

الداخلية: ارتفاع ملحوظ

من جانبها، لم تنكر وزارة الداخلية في قطاع غزة وجود ارتفاع ملحوظ في عدد المقدمين على الانتحار بين المواطنين من كلا الجنسين، لكنها رفضت على لسان الناطق باسم الشرطة أيمن البطنيجي ان يتم حصر أسباب الانتحار في زاوية واحدة مثل متعاطي الترامادول، حتى وإن سجلت بعض المحاولات للتخلص من الذات بسبب شحه في القطاع.

وحول الإحصاءات الدقيقة حول عدد الذين حاولوا التخلص من حياتهم، ما زالت غير معلومة حتى وقتننا هذا، وذلك لمعالجة البعض منهم داخل المنازل أو حتى غبر العيادات الخاصة لأطباء لا يدلون الشرطة ورجال الأمن على "هؤلاء المنتحرين.

 

حرره: 
ع.ن