ما يحدث في جهاز الأمن المخول بالحفاظ على حياة الجمهور يقتضي معالجة جذرية

الشرطة الإسرائيلية

أي شرطة نريد؟
بقلم طال اريئيل أمير

عندما كتبت الشاعرة يونا فولخ في السبعينيات كلمات أغنية «عندما تأتي»، لم تتوقع إلى أي درجة ستكون كلمات الاغنية قادرة على وصف التصرف العفن للحفاظ على القانون في القرن الواحد والعشرين. ليس هناك شيء يجسد الاضطراب الذي تمر فيه الشرطة اليوم مثلما يجسده السطران الأولان في بداية الاغنية: «عندما تأتي لتنام معي، إرتدي لباس الشرطي».

اذا كانت الملابس الرسمية مُعدة لخلق الوحدة، الاحترام والردع، فيبدو أنها تُستخدم الآن لتجسيد ثقافة القوة لمن يرتديها ولتمويه الحدود بين الممنوع والمسموح. اليوم أكثر من أي وقت مضى يخجل ضباط الشرطة الصغار من أن يكونوا جزءً من التنظيم الاحتكاري المهيأ ليكون أمينا على سلامة الجمهور في الدولة. إنهم يشاهدون بخجل المرشح الكاريزماتي لمنصب المفتش العام للشرطة، نسيم مور، المتهم بالتحرش الجنسي بشرطية ذات رتبة صغيرة اضطرت إلى مساعدته، كما فوجئوا قبل يومين بالكشف عن اسم قائد منطقة شاي (شومرون والقدس)، اللواء كوبي كوهين، الذي اعترف بأنه تحرش بشرطية صغيرة الرتبة وأجرى معها مراسلات حميمة.

الشرطيان يختمان قائمة – مؤقتة كما يبدو – ستة ألوية شرطة تمت إقالتهم أو استقالوا في السنة والنصف الاخيرة. مثل آخر سارقي الأمتعة الذين ضُبطوا متلبسين، هربوا من المثول أمام محكمة الانضباط، حيث كان مخبأ في جيوبهم مبلغا كبيرا (باستثناء نيسو شاحم المتهم بتحرشات جنسية).

إن اغراق وسائل الاعلام بأسماء ضباط يسبب لنا القشعريرة، وهذا جيد، لكن يجب علينا أن لا نبقى ساذجين.

إن التحرش الجنسي من كبار الضباط في الشرطة الذي يطال في الأساس شرطيات برتب صغيرة ومجندات صغيرات، هو أنباء مقلقة مثل شيء نتن. لماذا الآن؟ حسب الاشاعات التي يتم تناقلها، فان أحد الضباط الذين طُردوا من الشرطة قرر «علي وعلى أعدائي» وأن ينتقم ممن بقوا.

آخرون يشيرون إلى جيل الفيس بوك الشاب، هواة الشفافية، الذي كره قادته السكارى بالقوة، الذين يتجولون مع مسدس على خاصرتهم، والذي لا ينجح في أن يجعل مؤخرته في مكانها. لا يوجد تواضع، لا توجد اخلاق ولا توجد مبادئ.

هؤلاء الشرطة نظروا اليوم في وجه المفتش العام الخجل، يوحنان دنينو، وسمعوه وهو يتحدث عن المس يثقة الجمهور وعن الاحباط. «ما يحدث على المستوى الشخصي يقلقني جدا»، قال دنينو بنظرة حزينة وتعبة، «ويُغضبني كرجل كرس كل حياته العملية لشرطة إسرائيل».

اذا يا دنينو، بعد أن تنتهي من الغضب ويسوؤك الاعلان عن أن الشرطة تحتاج إلى معالجة جذرية، ربما عليك أن تتذكر من هو الرجل الذي عين في السنوات الاربعة الاخيرة هؤلاء الألوية. من أعطاهم الدعم، والرتبة، والراتب والامتيازات.

في كل مرحلة كنت تستطيع ربط الترقي بفحص جهاز الكذب، البسيط والسري، الذي كان يمكنه الكشف عن كل الامور المخفية. وقبل أن تتحول إلى طبيب أسنان عليك أن تفهم أن معالجة الجذر تحتاج إلى زمن طويل، ولكن الوقت الباقي لانهاء وظيفتك قصير.

إن ما لم تبنه طوال اربع سنوات لن يتم انجازه خلال اربعة أشهر، وسيبقى لخليفتك شرطة مريضة، مدمرة ومعفنة، التي يمكن أن يتم اصلاحها مع وجود مفتش خلاق وذو علاقة، مثلما لم يكن لدينا منذ فترة طويلة.

اذا كنا نتحدث عن مفتش عام جديد، ربما يفهم وزير الأمن الجديد أن هذا هو الوقت المناسب لأن يفكر في تعيين شخص من خارج الجهاز.

معاريف

حرره: 
س.ع