مرضى غزة يتيهون بين الغلاء وشح الدواء

نقص ادوية بغزة

زاهر الغول

زمن برس، فلسطين: "بنادول مصري ..اسرائيلي.. بدون علبه.. تكسرت العلب اثناء النقل.. في غزة ب15 شيكل.. في رفح 8 شيكل .. عليه ختم وزارة الصحة .. بدون ختم ... مهرب.. عبوة مساعدات.. غالي علينا من بلاده"، جدل يكاد لا يكون له نهاية قريبة في كل حين ومجلس، سواء على صعيد المرضى المستهلكين للأدوية أو طرحه على طاولة المناقشة الإعلامية في كافة وسائلها.

كل ذلك جاء بعد شح الكثير من الأدوية في الأسواق الغزية، لاسيما تلك التي يتعاطاها أصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى القلب والسكري والأمراض التنفسية والأعصاب وغيرها،  أفراد هذه الفئة من المرضى يعانون الأمرين بغية الحصول على أدويتهم كي يستطيعوا استكمال حياتهم بشكل أشبه بالطبيعي، غير أن الوضع "الصحي الكارثي" في القطاع يحول دون ذلك.

ولعل أهم المنغصات عليهم هي القضايا التي أثيرت مؤخراً عن بيع أدوية المساعدات من "تحت الطاولة" ما بعد العدوان الأخير على قطاع غزة، وهو ما اشتكى منه عدد لا بأس به من المرضى والمستهلكين للأدوية لزمن برس، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية واختلافها من صيدلية لأخرى، تبعاً للمصادر الموزعة لها، التي قد تعمل على توزيع الأدوية كعبوة دون كرتونة" في حين معظم الصيدليات توزعها دون أي تغليف أيضاً، وهو ما فتح مجالاً واسعاً للتلاعب بالأسعار والكمية والصلاحية في ظل عدم توفر رقابة طبية بشكل كامل ودقيق.

المستودعات تفرض على الصيدليات أسعارها
يقول خالد" 41 عامأً" صاحب صيدلية وسط غزة" ليس هناك رفع في أسعار الأدوية، ولكن القضية هي ان مستودعات الأدوية تفرض على الصيدلي زيادة على الأسعار تبلغ نسبتها ما يعادل 8% وتكون من ربح الصيدلية، فالمستودعات لا تعطي فاتورة معتمدة من وزارة الصحة حيال ذلك، مما يدفع الصيدلية لزيادة السعر من أجل أن تحصل الأخيرة على نسبة ما تم أخذه من قبل المستودعات ولكي لا يعرض صاحبها نفسه للخسارة، وهذا الأمر تتحمل مسؤوليته وزارة الصحة".

ويشتكي العديد من أهالي غزة من غلاء واختلاف أسعار الأدوية في الصيدليات، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة كالقلب والسكري وضغط الدم والأعصاب، الذين لا يستطيعون الاستغناء عن أدويتهم إلى جانب عدم قدرة الكثير منهم على شرائه، في حين أن وزارة الصحة بغزة تعاني من نقص تلك الادوية وغيرها نتيجة الحصار المفروض على القطاع منذ ثمانِ سنوات.

وفي حديث مع نقابة صيادلة فلسطين بقطاع غزة، رفض نقيب الصيادلة د. خليل أبو ليلة التصريح بقضية أسعار الأدوية وذلك بقرار تم اتخاذه من مجلس إدارة النقابة لمنع حدوث تجاذبات سياسية على حد قوله.

وقال أبو ليلة لزمن برس:"  وزارة الصحة هي المسئولة عن مراقبة الأسعار ومتابعتها، أما النقابة فليس لها دور في وضع الأسعار او مراقبتها حتى الآن" مشيراً إلى" أنه في حال حدوث أزمة واستمرار شكاوي المواطنين فسنتدخل وسيكون للنقابة دور وستخرج بتصريحات للإعلام".

الحاجة أم يوسف" 62 عاماً" من سكان مخيم الشاطئ غرب غزة، تعاني من مرضي الضغط و السكري المزمنين قالت لـ"زمن برس" ما بقدرش أشتري علبة دوا كاملة، حقها كتير غالي، فبضطر أشتري نص علبة أو شريط ومرات كتير بشتري الحبوب بالحبة"، موضحة وجود اختلاف في أسعار الدواء من صيدلية لأخرى، وبالنسبة للأصناف الدوائية التي تحتاجها في كل مرة تجد السعر مختلف ومرتفع عن سابقه فهم يرفعون أسعار الدواء بحجة أنه أكثر كفاءة ولا يوجد رقيب ولا حسيب، مشيرة إلى عدم توفره مرات عديدة في الصيدليات.
أما إغلاق معبر رفح وهدم الأنفاق مع مصرفكان له تأثيره الواضح بسوق الأدوية المصرية الرخيصة نسبياً للمواطنين في غزة، وبات يحرم العديد من المرضى من الحصول على الأدوية في وقت قصير وسعر مناسب.

من جهته قال مدير عام مجمع الشفاء الطبي، د. نصر التتر، في تصريح له: إن قضية الدواء والمستهلكات الطبية من القضايا التي باتت تهدد حياة المئات بل آلاف المرضى داخل مجمع الشفاء الطبي وغيره من مشافي قطاع غزة"، موضحاً" أن عدداً من الأقسام التي تحتضن المرضى مهددة بتوقف الخدمات فيها بسبب هذه الأزمة"، ولافتاً" إلى وجود نقص شديد في الأدوية والمستهلكات الطبية خاصة أدوية العمليات وقسم الطوارئ ومرضى الأورام والدم، وأدوية مرضى زراعة الكلى إضافة إلى أدوية القلب والمضادات الحيوية، وأدوية القلب، وكذلك نقص في المحاليل الطبية خاصة الملحية".

وأضاف التتر أن"عجزاَ في المهمات الطبية الخاصة بالعمليات والطوارئ وأخرى رصيدها صفر ولا يوجد لها بديل مثل الخيوط الجراحية بأنواعها ومقاساتها وشاش العمليات والأربطة الضاغطة والحقن والسرنجات، وقد يضطر المواطن أحيانا، بأن يوفر البعض منها على نفقته الخاصة، بالإضافة إلى أفلام الأشعة بمقاساتها المتعددة" مبيناً" أن المختبر المركزي في مجمع الشفاء الطبي يواجه أيضا نقصا شديدا في مواد فحص الدم ومواد الفحص الكيميائية بشكل عام، مشدداً" على الأقسام التي تخص أمراض الكلى، ونقص في الأنابيب الخاصة بالفحوصات الكيميائية الروتينية".

حرره: 
م.م