الدماء والروائح الكريهة تنذر بكارثة في مستشفيات غزة

القاذورات

خالد أبو الروس
 زمن برس، فلسطين: أصبحت الروائح الكريهة الناتجة عن القاذورات، ومخلفات الولادة "كشك الولادة" في مجمع الشفاء الطبي تتصاعد، لتشكلَ إزعاجاً لدى المرضى وذويهم أو المواطنين الزائرين، بينما تفاقمت أكوام القمامة والقاذورات في الأزقة، وتحت أسرة المرضى، في حين تزداد التحذيرات من إنتشار الأوبئة والأمراض، وهو الأمر الذي ينذر بكارثية صحية وبيئية فعلية.

قاذورات في كل مكان

وبالقرب من أحد الغرف الممتلئة بالقاذورات تنظرُ أخصائية النساء والولادة في مستشفى الشفاء فادية نحليس، وعلامات الاستياء والإنزعاج تبدو واضحة على وجنتيها.
نحليس تقول لمراسلنا: "دخلنا القسم في الفترة الصباحية فاستغربنا بوجود أكوام قمامة كثيرة، في الداخل، فضلاً عن القاذورات ذو الرائحة الكريهة، وعرفت فيما بعد من زميلاتي أن هناك إضراب تقوم به شركات النظافة"
ودقت نحليس ناقوس الخطر في حال استمرت الشركات إضرابها على هذا النحو، موضحةً أن "قسم الولادة يومياً يستقبل أكثر من 50 حالة ولادة، بحاجةِ لبيئة صحية واقية، وبعيدة عن الأوساخ والقاذورات كما نشاهد ونرى بأعيننا الآن".
وسرعان ما تعالت أصوات فيما يبدو هي لامرأة كبيرة في السن، صارت تصرخ وتقول" الله على الظالم، كل المستشفى دماء وأوساخ"، فاقتربت رويداً رويداً وهي ترفع صوتها لتقول: "ألا تكفي الحرب، لماذا يدخلوننا في السياسة!، أريد أن أسأل أبو مازن ماذا تريد من غزة، أين أنت وحكومتك من آلاف المرضى".
وتأتي هذه التطورات إثر بدء إتحاد شركات النظافة في قطاع غزة إضراباً شاملاً ومفتوحاً، وذلك احتجاجاً على عدم صرف مستحقاتهم المالية من قبل حكومة الوفاق الوطني.

إنهيار المنظومة الصحية

لم يدم الوقت طويلاً حتى زار وفدُ من الوزارة، برفقة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قسم الولادة، لينصدموا بهول المشهد الكارثي الذي رأوه، وفي تلك اللحظة ساد الهدوء قسم الولادة إلا من أصوات المواطنين الذين انتشروا بشكل مكثف خارج المستشفى يريدون إيصال صوتهم ورسالتهم للجهات المعنية، معبرين فيها عن قلقهم من تراجع الخدمة الصحية المقدمة للجمهور. 
بدورها، حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من انهيار منظومة العمل الصحي في مستشفيات القطاع جراء إضراب عمال شركات النظافة، مطالبة بالإسراع في إيجاد حلول للأزمة.
وقال وكيل الصحة يوسف أبو الريش -لمراسلنا- إن المرافق الصحية للوزارة "على أعتاب كارثة إنسانية تهدد منظومة العمل الصحي" مبررا ذلك "باستمرار تنفيذ عمال النظافة للإضرابات الجزئية والكلية للمطالبة بصرف رواتبهم".


وأضاف عقب جولة أجراها طاقم الوزارة بمستشفى الشفاء بمدينة غزة "نعاني من أوضاع كارثية للغاية، غرف العمليات متوقفة بشكل كامل، وبعض الأقسام أرضيتها مليئة بالدماء، وهناك العديد من الحالات التي تنتظر إجراء عمليات ولادة لكن عدم جهوزية المكان بسبب اتساخه يحول دون ذلك".
وطالب أبو الريش حكومة الوفاق الفلسطينية والجهات المسؤولة بالإسراع في إيجاد حلول للأزمة التي تعاني منها وزارة الصحة، مضيفا "لا يمكن التلاعب بحياة المرضى، أو استخدامهم للابتزاز السياسي".
المعاناة وغياب الحلول
وفي ساحة المستشفى إجتمع العشرات من عمال شركات النظافة حول خيمةِ إعتصامية كتب عليها: "قطع الأرزاق من قطع الأعناق"، في إشارة للواقع الإنساني الذي حل بهم جراء عدم تقاضيهم رواتبهم منذ 6 أشهر متتالية، فيما تفاقمت معاناتهم في الآونة الأخيرة وهم يعيشون على أمل الإنتظار والأمل تارة، وعلى الوعود تارة ثانية.
ووفق اتحاد شركات النظافة فإن 750 عاملاً، أجر العامل فيهم 700 شيكل إسرائيلي، ما يعادل بالدولار تقريباً 180  دولار أمريكي، يعملون في المستشفيات.

ورفع المحتجون شعارات تطالب حكومة الوفاق الوطني بصرف مستحقاتهم المتأخرة منذ ستة شهور. 


وقال الناطق الاعلامي بإسم الشركات نبيل أبو عقلين: إن "العمال أضربوا وسيستمرون في إضرابهم حتى إشعار آخر، وسيغادروا المستشفيات لبيوتهم منتظرين حلولاً عاجلة وسريعةً، معتذرين لمرضانا الكرام وعوائلهم عن تقديم الخدمة لعدم استطاعتنا لأماكن أعمالنا".

واتهم  أبو عقلين حكومة الوفاق الفلسطينية، بما أسموه "بتجاهل عمال النظافة، وظروفهم الإنسانية والاقتصادية"، مطالباً بإعادة تقييم التطورات الجديدة، وإيجاد حلول سريعة لاحتواء الأزمة المتفاقمة.

وعلى مدار الأسابيع الماضية،  نفذ نحو 700 من عمال النظافة إضرابات متكررة ما بين جزئية وشاملة  في كافة مستشفيات قطاع غزة، ويتبع العمال لشركات تجارية خاصة، تقدم خدماتها لوزارة الصحة مقابل مكافآت مالية شهرية، لكنها لم تحصل عليها منذ تشكيل حكومة التوافق الفلسطيني، بداية شهر يونيو/حزيران الماضي.

حرره: 
م.م