غزة بلا مفاوضات تهدئة ولا حصار مرفوع!

حصار غزو

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: " لسا ما خلصنا من حرب إسرائيل لتيجي حرب مصر علينا، تزيد من وجعنا وتشدد من حصارنا وتدمر ما تبقى من اقتصادنا، لمتى هذا الوضع وشو هي نهايته، وراح نقدر نستنى أكتر من هيك ونتحمل ظلم ذوي القربى إلنا مش مكفينا إسرائيل اللي ما رحمت حدا فينا لا صغير ولا كبير ولا سيدة ولا حتى طفل؟؟!!".

هذا هو حال لسان المواطن محمد شبات (40 عاما) الذي بقي ساعات طويلة على معبر رفح البري ينتظر السماح له بالدخول إلى الأراضي المصرية كي يصل ابنه الجريح الذي يتعالج في المشافي التركية، ولكن طول انتظاره باء بالفشل فعاد من حيث أتى وفقد الأمل بمرافقة ابنه المصاب.

شكوى شبات ووضعه لا يختلف كثيرا عن باقي المواطنين في قطاع غزة، الذين ما زالوا ينتظرون "فرجا" يبدو أنه ليس "بقريبٍ"، خاصة بعد تبدد أملهم باستعادة حياتهم الطبيعية عقب انعقاد مؤتمر إعادة اعمار قطاع غزة، وتذمر المتضررين من الحرب من المنخفض الجوي السابق الذي لم يرحهمهم على حد قولهم.

وما إن أعلنت مصر حالة الطوارئ عقب ارتكاب "مجموعات إرهابية" مجزرة بحق جنودها في سيناء، حتى أغلقت مخابراتها معبر رفح البري بين غزة ومصر، وهو الشريان الوحيد الذي يصل الغزيين بالعالم الخارجي، وتلته مباشرة إلغاء عقد لقاء المفاوضات غير المباشرة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في القاهرة، وهو ما أصاب الغزيين بالخوف على مصيرهم من جديد.

ويقول شبات لزمن برس:" نحن دائما ما ندفع ثمن جرائم لم نرتكبها فقط لأننا في غزة، ما ذنبنا في كل ما جرى ونحن أحوج الناس لتطبيب جراحنا، فلا يمكن لشخص مجروح ولم تُزال آثار الحرب عنه بعد، أن يرتكب مثل هذه المجازر البشعة بحق إخوتنا في الدم والدين والجيرة؟!".

ويعاني العالقون داخل قطاع غزة ومن المفترض أن يسافروا في أقرب فرصة عبر معبر رفح الأمرين ما بين احتجازهم في القطاع، وانقطاع الأخبار عن موعد محدد لفتح المعبر من جديد، خاصة في ظل إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه سيتعامل "بحزم مع حدود غزة".

وأكدت مصادر أمنية مصرية لزمن برس أن "جمهوريتهم" لن تتهاون للحظة واحدة مع "المخربين والإرهابيين" من قطاع غزة، في إشارة إلى أن الداعمين سواء كان لوجستيا أو حتى معلوماتيا هم من غزة، ويتبعون للسلفية الجهادية الموجودة في القطاع.

وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن  اسمه لزمن برس أنه  " ربما لا تكون حماس هي المنفذة، ولكنها داعمة لا شك بذلك من خلال إصرارها على إعادة بناء الانفاق الواصلة بين غزة ومصر بعد هدمها من قبل الجيش المصري، وهو ما يساهم في تهريب إرهابيين إلى مصر والعكس".

وما يزيد الطين بلة تأجيل عقد لقاء المفاوضات غير المباشرة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في القاهرة، مما يعني تأخير تثبيت التهدئة بين الجانبينن لتترك غزة على شفا هاوية أو أقرب من عدوان جديد تشنه إسرائيل على القطاع.

المواطنة أمينة السيد 51 عاما تسكن في أحد الأبراج السكنية في القطاع، تتابع الأخبار أولا بأول وخاصة احتمالية شن إسرائيل حربا جديدة على القطاع خاصة في ظل التهديدات التي يطلقها قادة حماس يتوعدون خلالها بتفجير المنطقة في حال تأخر الإعمار.

وتقول السيد لزمن برس:" ما إن تبدأ الحرب من جديد فعليا سوف أرحل من البرج الذي نسكن فيه، فهو معرض للقصف لا شك، خاصة وأن الوزير الإسرائيلي يعلون أكد أنهم سيبدأون حربهم الجديدة من حيث انتهوا"، مشيرة إلى أنها عاشت وعائلتها أسوء أيام حياتهم إبان الحرب وخاصة بعد استهداف الأبراج.

أما الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله فيستبعد أن تشن إسرائيل حربا جديدة على القطاع في ظل الأوضاع الراهنة، متفهما إغلاق مصر لمعبر رفح مؤقتا في ظل توتر أوضاعها الداخلية، لكنه متخوفا من تزايد حملة التحريض التي يقودها الإعلام المصري ضد غزة واتهامها بالضلوع في ارتكاب المجزرة.

وأوضح عطا الله  أن الاستمرار بحملة التحريض الإعلامي المصري ضد غزة سيحد من الدعم المصري للفلسطينيين الذين هم بحاجة ملحة لهذا الدعم، مشددا على أنه لا يمكن القبول بهذا التحريض.

ويقول عطا الله لزمن برس:" لا شك أن غزة تتأثر بكل ما يجري في مصر على أساس الجيرة وتتأثر في كافة الجوانب سواء كانت إيجابية أو حتى سلبية"، مشيرا إلى أن إغلاق معبر رفح سيؤثر على حياة آلاف المواطنين ومصالحهم خاصة وأنه سيجعل الحصار يشتد عليهم من كافة النواحي.

ويضيف عطا الله:" هذا الاتهام هو محاولة إلقاء الكرة في خارج الملعب المصري، وهو مريح للمسؤولين المصريين الذين قد يتهمون بالتقصير الأمني الداخلي، وكذلك يعكس خلافا وصراعا شديدا على الحكم بمصر، فغزة بالنسبة لهم حكم حماس التي يعتبرونها امتدادا لحركة الإخوان المسلمين المنبوذة ومن السهل إلصاق التهمة بأحد أجنحتها الخارجية".

أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش فاتهم إسرائيل مباشرة بضلوعها في ارتكاب المجزرة، وذلك لتحقيق هدفها الأساسي بإلهاء الجيش المصري بشؤونه الداخلية، وترك حرا في الساحة السياسية دون أي تهديد عربي يذكر، مشيرا إلى أن ذات الحال بالنسبة للجيش السوري المنشغل بشؤون بلاده الداخلية لسنوات كاملة.

ويقول البطش لزمن برس:" إسرائيل دعت في مؤتمر هرتسيليا السابق إلى ضرورة إلهاء الجيش المصري بشؤونه الداخلية، وهو يتيح لها المجال أن تكون حرة أكثر، ونحن نرى ذلك على أرض الواقع".

ويضيف البطش:" على إثر ذلك تم إبلاغنا رسميا بتأجيل المفاوضات من قبل السلطات المصرية، وذلك نتيجة للظروف السيئة التي تمر بها مصر عقب "الحادث المؤسف"، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ كافة الفصائل بذلك وأنه سيحدد موعد آخر في وقت لاحق.

حرره: 
م.م