"عِماد الحياة" بلا رقيب ولا حسيب في قطاع غزة

مياه غزة

زاهر الغول

(خاص) زمن برس، فلسطين: تفشت مؤخراً في قطاع غزة ظاهرة إقامة محطات تحلية المياه دون رقيب أو حسيب، لتنشأ اعتمادا على هذه الظاهرة أعمال استثمارية صغيرة تعتمد على بيع المياه المحلاة وهي في غالبيتها محطات صغيرة يملكها أفراد أو مؤسسات دون رقابة، وفي بعض الأحيان أقامت بعض المساجد محطات تحليه على نفقتها، ويتم توزيعها وبيعها للمواطنين، وهو ما يجعل "عماد حياة الناس" تشكل خطراً على حياتهم. 

وجاءت هذه الظاهرة عقب انتشار عربات المياه العذبة في القطاع لعدة سنوات جراء التلوث الخطير للمياه التي يحصل عليها المواطنين في غزة.
وشجعت قلة تكلفة إقامة المحطات، المزيد من المواطنين على بدء مشروعاتهم الخاصة معتمدين أيضا على آبار غير مرخصة يتم منها استخراج المياه وتحليتها.

ووفق مشاهدات  "زمن برس" فإن أغلب العاملين في هذه المحطات لا يحملون شهادات علمية أو يخضعون لمتابعة ورقابة من الجهات  المختصة، الأمر الذي يجعل المياه عرضة للتجربة لما تحمل من خطأ وصواب.

إذا ماذا يجري داخل محطات التحلية، ومن يتحكم بها ؟ وكيف تتم إقامتها؟ ومن المسئول عنها؟ وهل تملك السلطات المختصة في غزة بديلاً لها لتقدمه للمواطنين الفلسطينيين أم أنها عاجزة هي كذلك، الأمر الذي يدفع المواطن إلى محاولة سد احتياجاته بالطرق والوسائل الممكنة؟.

محمد مهدي سائق سيارة لنقل المياه العذبة الذي يعمل في محطة تحلية لصالح الجمعية الإسلامية منذ 2006، قال إن بيع المياه العذبة كان جيداً حتى عام 2010 بسبب قلة العاملين في هذا المجال، لافتا إلى أن الشركة كانت تملك خمس سيارات لنقل المياه بسبب الطلب المتزايد عليها من شتى المناطق.

وأشار مهدي إلى أن العمل في نقل المياه يحتاج إلى سيارات مرخصة من وزارة الصحة وسلطة المياه وأن تقوم الجهات المختصة بالمتابعة والرقابة على جودة المياه وأن تكون المواصفات مطابقة للمعايير المشروطة بشكل دوري وأحيانا بشكل مفاجئ للمحطة وسيارات التوزيع.

ولفت إلى الانتشار الرهيب لسيارات نقل المياه والتي معظمها تعمل دون ترخيص، حتى أن السائقين لا يحملون رخصة قيادة مركبة كبيرة، ويأتون بالمياه من محطات غير مرخصة ومراقب عليها تنقل التلوث والمرض ما اثر بالسلب على المحطات المرخصة الملتزمة بدفع التأمينات والضرائب على حد قوله.

وأضاف أن نقل المياه يتركز في الحارات والمخيمات ذات الشوارع الضيقة ما يستلزم أقصى درجات الأمن بينما الحال يختلف بالنسبة للعاملين على سيارات نقل المياه دون رخص قيادة ودون أن تحمل سياراتهم أدنى أدوات السلامة ما يتسبب بالكثير من الحوادث اليومية.

ولفت جبر إلى أن معظم الشباب يقبلون على هذه المشاريع المبتكرة بسبب الوضع الاقتصادي السيئ، قائلا" السيارة التي أعمل عليها تعيل ثلاث أسر غيري لعدم مقدرتي على شراء سيارة فقمت بمشاركة أقاربي" منوها إلى خطورة استخدام البعض لوسائل غير السيارة مثل "التوك توك" في نقل المياه الذي يفتقر إلى أدنى أدوات السلامة.

وبصفته سائق سيارة نقل مياه قال مهدي إنه " يتعرض ويطالب الجهات المعنية بمراقبة العمل ومتابعته بالفحص الطبي لأن كثيراً من الزبائن لديهم أمراض كالفشل الكلوي، وشراؤهم مياه من محطات ليس عليها مراقبة أو تستخدم مواد كيماوية في التحلية يتسبب في مرضهم أكثر".

وفي حديث مع المواطن أحمد مطر قال" إن شراء مياه محلاة للشرب والاستحمام أحياناً أصبح عبئ على المصروف اليومي ولابد من توفير جزء من الدخل لشراء ماء للشرب والطهي وغيره" فالمياه في صنابير البيت أشبه بمياه البحر لا نستطيع تحملها فهي غير صالحة لشيء الا القليل منها" على حد تعبيره.

من جانبه قال رئيس بلدية غزة  "نزار هاشم " إن" المسئول الأول والأخير عن مشكلة تلوث المياه هو الاحتلال كونه السبب الرئيسي في تسبب تلوث المياه الجوفية في قطاع غزة وذلك لعدة أسباب أهمها، سعي الاحتلال الدائم إلى تلويث المياه الجوفية وذلك من خلال فتح آبار المياه العادمة الإسرائيلية وصبها في قطاع غزة".

وأضاف هاشم:" لم يكتف الاحتلال بذلك ولكنه مازال يصر على فرض الحصار بشكل كامل على القطاع والذي نتج عنه انعدام توفر الكهرباء باستمرار مما سهم في توقف العشرات من المولدات الكهربائية في باطن الأرض التي تعمل على تكرير المياه الجوفية لفترة طويلة، ومن ثم تصبح المياه معرضة للعفن جراء نمو الطحالب والبكتيريا مما تصبح غير صالحة للشرب الآدمي وكذلك غير صالحة للزراعة"؟

وتابع قائلاً:" كما ساهمت الحرب الأخيرة على قطاع غزة بازدياد أزمة المياه التي نتجت عن تفاقم أزمة الكهرباء وعدم وصولها للمنازل أكثر من ساعتين يومياً لا تكفي لدفع المياه إلى الطوابق العليا وهو ما كنا نستعض عنه بدفع المياه إلى المنازل عبر مواتبر كهربائية خاصة "بالبلدية " منوها إلى أن المدة المثلية لدفع المياه إلى المنازل ست ساعات متواصلة مما كانت تتسبب بأزمة للمياه في مناطق أخرى".

وأوضح هاشم" أن أزمة المياه لن تنتهي ما لم يتم رفع الحصار بشكل كامل عن القطاع وتشغيل محطة الكهرباء بشكل مستمر وكذلك الحصول على ضمانات دولية تحول دون دفع إسرائيل للمياه العادمة الخاصة بها إلى القطاع عبر قنوات الصرف الصحي المشتركة بيننا وبينهم".

 

 

حرره: 
م.م