تفاءلوا بالخير

تفاءلوا بالخير

الياكيم هعتسني

تعلم اليهودية مقياس «الاعتراف بالخير»، ولكن وسائلنا الاعلامية رافقت سنة «تشعد» بنكران للجميل، ربما بسبب انصراف «المسيرة السلمية» الذي يعتبر لديهم نقيصة. العكس هو الصحيح: اذا كان في السنة الماضية بالفعل ماتت ودفنت مسيرة اقامة دولة غريبة في بلادنا، فمباركة ستكون.

لقد شهدت «تشعد» سياقات التحرر من عدة نقاط ضعف قلصت افق الحلم الصهيوني وضيقت عرض اكنافها. فقد تحطم الكثير من اساطير الضعف وانعدام الوسيلة، وعلى هذا فسنعترف بالخير. لقد أثبت المؤرخ العظيم دوفنوف بالارقام بان ليس للصهيونية احتمال ديمغرافي. وروج للبقاء في المنفى وقضى نحبه في الكارثة. فمن يزيل الغشاوة عن عينيه في أن توقعاته «الواقعية» كفيلة بان تنقلب رأسا على عقب، ولدى الشعب الجالس في صهيون – عنده فقط من بين كل شعوب الغرب، الشرق، الوسط ومن كل الشتات اليهودي – يتصاعد التزايد الطبيعي، الى أن اعاد «الشيطان الديمغرافي» الى القمقم؟

أصفاد على أيدينا كان التعلق بمصادر الطاقة من الخارج وانعدام مصادر المياه. اما الان، فقد حظينا باستقلال الطاقة، ويكاد يكون ممكنا القول اننا بتنا مستقلين حقا. ولكن عندنا ما لا يصدق لا يحظى حتى ولو برفة رمش: نحن سنزود بالغاز مصر والاردن، ونحن حتى ندفع بالماء الى غزة. فأين «الاعتراف بالخير» بانه في سنة الجفاف ايضا يمكننا أن نفتح الصنابير دون قلق، بفضل معامل التحلية لدينا والتي هي من اكبر المعامل في العالم.

لعل الحكماء كانوا سيعدون مباركة خاصة للمشهد التوراتي الذي شهدناه في هذه السنة: الاف الصواريخ التي بوسعها أن تشل الدولة وتقتل المئات تدمر وهي طائرة وفي نفس الوقت سلاحنا يقتل العدو ويدمر دون عراقيل الى أن يحتج كارهو اسرائيل على «انعدام التعادل». من كل العالم فريدة هي اسرائيل التي تعرف كيف تصد الصواريخ في طيرانها، وهي ايضا بين الاوائل في مجالات جديدة اخرى: السايبر، الاقمار الصناعية، الطائرات بلا طيار.

لقد مرت عهود التهديدات بالمقاطعة، ونحن اليوم من نختار لمن نورد. كل هذا ليس مفهوما من تلقاء نفسه، وحان الوقت لنتعلم كيف نقدر الخير ونباركه ببهجة.

لقد تنبأوا لنا بالسواد في أن افق الهجرة مغلق. وانه نفدت «بلدان الضائقة» ومن سيرغب في أن يأتي من بلاد الرفاه؟ اذهبوا واسألوا يهود فرنسا. وماذا بشأن «الضغط الامريكي»، الذريعة الخالدة للانسحابات؟ ايديولوجيا الرئيس الامريكي تختلف مع سياسة الحكومة. شخصيا، يختلف مع رئيس الوزراء. ورغم ذلك، بين الدولتين تعاون كامل، حتى في الامم المتحدة، لان المصالح المشتركة ثابتة. لا يزال بالطبع هناك ضغط أمريكي، ولكنه ليس ضغطا لا يمكن لدولة مستقلة أن تحتمله.

من حول فيلتنا يعربد «ربيع عربي»، ولكن بمعجز احتفظنا بالجولان وهو يفصل بيننا وبين الغابة. وفي هذا التماس، اسرائيل تتطوع لانقاذ الحياة، حتى لو كانوا مواطني العدو. وبين تجميد وتجميد نقترب في السطر الاخير من شرق اوسط جديد حقا: نصف مليون يهودي في يهودا والسامرة. وهدية وداع لـ «تشعد»: ثأر وانتقام من قتلة الفتيان الثلاثة.

وشكر شخصي. جئت الى العالم في مدينة كيل في المانيا. تعلمت في ثانوية نازية عن غواصاتهم، وها أنا أحظى في أن أرى «تنين» التي بنيت هناك، ترسو في حيفا وتنضم الى اسطول الغواصات الاسرائيلي الاكثر تطورا في العالم. «دولة مقرفة، ما لنا بها؟» قال احد الشخصيات الاعلامية لدينا، زعما على لسان حفيده الذي سيهاجر من البلاد. فليهدأ باله: ما يلقي به هو ورفاقه عنهم، يحتضنه شعب اسرائيل في قلبه بحب كبير.

يديعوت