كيف نهزم «داعش»

داعش

بقلم: دان مرغليت

دُفع براك اوباما الى موقف محرج حينما اعترف على رؤوس الاشهاد بأن الولايات المتحدة لم تصغ الى الآن استراتيجية لحرب داعش وبناتها وتابعاتها. لكن لا مكان للسخرية منه في الجوهر لأن هذه المعضلة ليست من النوع المعروف.
إن المشكلة التي تواجه الحكومات على نحو عام هي هل تستعمل القوة العسكرية لاحراز هدف خارج حدود سيادتها، لكن المشكلة مع داعش اكثر تعقيدا لأنه ليس الحديث عن عدو يواجه وجها لوجه كصدام حسين بل عن جهة ارهابية تنتشر في الشرق الاوسط، ومصادر قوتها البشرية في جزء منها مواطنون من دول ديمقراطية هاجروا اليها من المراكز الاسلامية وأفرطوا في تميزهم بدل الاندماج فيها. ولم تستجب اوروبا للتحذيرات واستجابت لمنظمات حقوق أيدت المهاجرين المسلمين وبلدانهم وهي تدفع عن ذلك الآن ثمنا باهظا.
إن الدولة الاسلامية بلباسها التنظيمي الذي يراوح بين داعش وحماس، تمتحن المباديء التي تلتزم بها الديمقراطيات الى أن تم تحديها الآن في القارة الاوروبية والشرق الاوسط، وهي تواجه ثلاث معضلات:
لما كانت الولايات المتحدة وحليفاتها ولا سيما الدول العربية المعتدلة، لا تريد استعمال قوات عسكرية برية فليس لها خيار سوى أن تهاجم من الجو على الدوام وبقوة كبيرة وأن تسعى الى ما يسمى «قصف السجادة».
وما ذلك؟ إنه مصير المدينة الالمانية درزدن في أواخر الحرب العالمية الثانية. لا يعني ذلك أن المنظمات الارهابية المجنونة تملك مدنا مأهولة وينتج عن هذا أن عدد القتلى سيكون أقل كثيرا مما كان في 1945. لكن اذا كان اوباما لا يريد فقط أن يعمل بل أن ينتصر ايضا ويقتلع ويجتث من الجذور دون استعمال قوات برية فلا توجد سبيل اخرى. ويعني ذلك التعامي عن قوانين الحرب الدولية الحديثة دون «أطرق السقف» ودون خبير بالقانون لكل طيار، وليس ذلك سهلا، ففي كل دولة ديمقراطية يوجد جدعون ليفي بكل اللغات، يتمتعون بحماية حياتهم وينددون بمن يحمونهم، لكن هذه هي المعضلة، ويجب على اوباما الذي يريد القصف من الجو فقط (وشيئا قليلا من عمليات قوات الصاعقة النقطية)، يجب عليه أن يقرر هل يغير القوانين من طرف واحد. يجب على الولايات المتحدة أن تفكر في الاتصال بـ «الشيطان الاصغر»، وهو في هذه الحال بشار الاسد الذي لم يعمل اوباما لقصر نظره في القضاء عليه حينما كان المتمردون علمانيين محتملين، ولم يحرص على القضاء على مخزونه من السلاح الكيميائي قضاءا مبرما. وهو يُرى الآن أخف الشر.
هل يتم الاتصال به أم لا؟ لا يستطيع التحالف أن يقصر قتاله للمتطرفين الاسلاميين على العراق فقط، ويجب عليه أن يتحول الى سوريا ايضا وكل واحد يعلم ذلك. ستضطر الديمقراطية التي تدافع عن نفسها في الغرب الى أن تضيق حقوق الفرد والمواطن. هل توجد شرطة شريعة اسلامية تكافح شرب الخمر في النوادي الليلية في المدن الالمانية؟ إن من لا يمنعها وهي ما زالت لا تستعمل العنف سيضطر الى فعل ذلك حينما تبث متفجرات. فهل كل واحد بريء الى أن يثبت خلاف ذلك؟ اذا كانت اوروبا راغبة في الحياة فعليها أن تستعمل الاعتقالات الادارية على مدنيين من أبناء المهاجرين.
وحينما يزول الجنون المسمى داعش من العالم لن تبدو الديمقراطية المستنيرة مثلما كانت تبدو الى الآن.

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م.م