أرباح محمد ضيف

محمد ضيف

معاملة المستشار القانوني للحكومة لمن يُسربون الأنباء عن غزة إلى وسائل الإعلام غرضها أن تمنع تعرض نتنياهو للمساءلة

بقلم: أمير أورن

تمتع محمد ضيف رئيس الحفارين في ارض غزة، تمتع في الآونة الاخيرة بخدمات «خُلد» مجهول حفر الطريق له الى أن بلغ قلب الاطار الأكثر داخلية لاتخاذ القرارات في حكومة بنيامين نتنياهو وهو المجلس الوزاري المصغر.
قبل اسبوعين في 5 آب، في ذروة عملية الجرف الصامد، أُذيع في أخبار القناة الثانية نبأ صارخ اعتمد على نقاشات المجلس الوزاري المصغر وكانت ما تزال مستمرة. فقد جاء المراسل السياسي أودي سيغل بالعجب العجاب في دقة وصفه للوحة عرض عرضها على الوزراء كبار الضباط في هيئة القيادة العامة لاثبات الكلفة الباهظة لاحتلال غزة من القتلى والمال وإساءة مكانة اسرائيل العسكرية والدبلوماسية.
وخيرا فعل الضباط الذين أطلعوا القيادة العليا للجيش الاسرائيلي والحكومة على كامل الصعوبة المنتظرة في تقديرهم المهني. اذا ما اختارت الحكومة بتحقيقها لمسؤوليتها عن البت بين الخيارات أن ترسل الطوابير لاحتلال قطاع غزة، وخيرا فعل سيغل وقناته اللذان أشركا الجمهور الاسرائيلي وفيه مئات القتلى المحتملين وملايين الخائفين على سلامة أعزائهم، في ذلك الانجاز الصحافي المهم. فلتكثر تلك المصادر ولتقل التحقيقات في الكشف عنها.
يرى رجال الامن أن سبق سيغل الصحافي هو معلومات ضيف الاستخبارية عن طرق العمل المحتملة لاسرائيل وعن العلاقات بين القوى في مجموعة قرارها التي تجعل حماس تتشدد في موقفها في المعركة والمساومة. ولو تبين أن هذه المعلومات تأتي من اليسار لوصفها الساسة بأنها سكين في ظهور المقاتلين. لكنها اذا جاءت من اليمين أو من الحكومة فانها تشبه شوكة في الصدر.
إن لوحة عرض احتلال غزة جعلت العميدة سيما فكنين – غيل، المراقبة العسكرية الرئيسة وهي ضابطة استخبارات ذات تجربة خبيرة بالاصداء التي يثيرها مثل هذا النبأ في الجانب الآخر من الجبهة، جعلتها تقفز من مقعدها: فهم يولونها ثقة كاملة ويعملون بحسبها وكأنه أرسلها عميل في القيادة العليا أُدخل في المجلس الوزاري المصغر. وتوجهت المراقبة الى جهات أمنية وقضائية رفيعة بشكوى شديدة من الضرر الباهظ الذي أحدثه الخُلد.
ورفض رئيس الوزراء والمستشار القانوني للحكومة أن يهبا. إن التوقع منهما هو حفظ القانون وحماية أمن الدولة. ويوجد لنتنياهو ويهودا فينشتاين في الواقع هدف آخر هو حفظ سلطة نتنياهو وحمايتها حتى منه هو نفسه. ولولا أن فعل فينشتاين ذلك متطوعا باعتباره مشروع حياة لصح أن نراه مستشارا محكوما عليه.
إن قرارات فينشتاين في شأن ما يُحقق فيه في هذا المجال وهو «الكشف مع اخلال بواجب» وما لا يُحقق فيه، هي نزوات فرض انتقائي للقانون. ولن يكون العثور على الخُلد الذي هرّب الى الخارج لوحة عرض احتلال غزة، لن يكون فوق قوة محققي الشرطة (لا يمكن الاعتماد على «الشباك» الذي يخضع لسلطة نتنياهو ليحقق مع المسؤول عنه دون نفاق)، في يوم واحد من مساءلة المشاركين في نقاش المجلس الوزاري المصغر والمقارنة بين المعطيات.
إن الباعث على نقل المادة واضح. كذلك ايضا نموذج استعمال مادة سرية زمن عملية عسكرية أو سياسية حتى قبل أن يصبح نتنياهو رئيس حكومة، وفي حكوماته كلها. إن وزراءه ومتحدثيه ومساعديه يأتون ويذهبون لكن هذه الظاهرة تبقى ويبقى الخُلد حيا يتنفس.
وهي احيانا تطير الى واشنطن وتعود منها في مسار السفارة – مجلس النواب – «الاخبار الخارجية» في وسائل الاعلام الاسرائيلية، لكنه يُختار في الاكثر المسار السريع؛ ويحب نتنياهو أكثر من كل شيء طريقة الجهد الرئيس لابلاغ مراسلي القناة الثانية.
إن فينشتاين الذي حضر ذلك النقاش في المجلس الوزاري المصغر هو رجل أمن فخور مصمم حينما لا يضطر الى الاختيار بين الأمن ونتنياهو؛ ويمكن أنه ينتظر رفع استئناف الى المحكمة العليا على تقصيره.
وقد قضى في العام الماضي في قضية بن زغيير بأن «حق الجمهور في أن يعلم لا يفوق حق الجمهور في العيش في أمن، لا يمكن أن يتم تقبل دوسه بشدة بأنباء منشورة قد تضر بأمن الدولة وبحق الجمهور في العيش بأمن، بتفهم أو بمغفرة». وهذا بالطبع تحذير للصحف فقط، أما معاملته للمناجذ (جمع خُلد) في المجلس الوزاري المصغر فهي متفهمة ومتسامحة ولا سيما اذا كان يمكن أن تقود المحققين الى مكان قريب جدا من نتنياهو.

 

حرره: 
م.م