سنلتقي في الجولة القادمة

المقاومة في غزة

لم تحقق حماس في قتالها الأخير ما كانت تصبو إليه من غايات وأهداف

اليكس فيشمان

بدأ دخان الحرب ينقشع والصورة تتضح وهي أنه لا يوجد أي تعادل استراتيجي بين اسرائيل وحماس. فحماس دخلت القتال ومعها أوراق مساومة سياسية ضعيفة وهي تخرج منه ومعها أوراق أضعف. إن ممثلي حماس والجهاد الاسلامي الذين جلسوا مع اللواء المصري محمد التهامي في القاهرة هم الذين طلبوا وقف اطلاق النار. وستقرر اسرائيل هل يناسبها ذلك أم لا. وليس لحماس من غير تسوية مع اسرائيل ما تبيعه لجمهورها.

إن الهدنة التي تلوح تباشيرها لا تشتمل حتى على أدنى الاهداف التي وضعتها حماس لنفسها قبيل الحرب لرفع الحصار عن غزة بحيث لا يوجد لقادة حماس أي سبب يدعوهم الى الاحتفال فوق أنقاض الشجاعية ورفح. وقد وجدت حماس نفسها تطلب الهدنة من المصريين لا من القطريين كما أرادت.

وقد شخصت الى القاهرة ايضا مع وفد ناقص دون ممثلي غزة كما خططت. وكانت قائمة المطالب التي أعدتها مع ممثلي الجهاد الاسلامي والسلطة الفلسطينية في السماء لكن المصريين والواقع خفضاها الى الارض. فقد طلبوا مثلا أن تعلن اسرائيل وقف التصفيات المركزة وفتحا كاملا لكل المعابر قبل الهدنة – لكن لم يحصل شيء من ذلك وسيحصلون على هدنة بنفس الصيغة بالضبط التي حُصل عليها بعد عملية «عمود السحاب» وهي وقف النشاط العسكري في البحر والجو والبر وفتح محدود للمعابر، أما سائر الشروط كلها فستُبحث بحضور وفد اسرائيلي يأتي للقاهرة بعد وقف اطلاق النار.
اذا لم «ينفلت» من حماس حادثة ما مخطط لها أو عملية دراماتية كما انفلتت في يوم الجمعة في صدام مع دورية من جفعاتي في رفح – فستبدأ الهدنة في قطاع غزة في الثامنة من هذا الصباح، وقد وافق على ذلك ممثلو حماس في القاهرة. ويجب عليهم أن ينقلوا المسودات الى ممثلي حماس في غزة وأن يحصلوا على موافقتهم.
وستقبل اسرائيل المطلعة جيدا على آخر ما يجري في القاهرة شروط الهدنة كما عرضها المصريون.
إن الجدول الزمني للهدنة المتوقع أن تكون 72 ساعة يندمج اندماجا جيدا في صورة المعركة: فسيبقى الجيش الاسرائيلي منتشرا في داخل غزة على طول الحدود الى أن يتم عمل اقامة الجدران، وآنذاك ستنتقل القوات الى داخل اسرائيل. واذا لم تحصل هدنة من الفور فان هذه القوات مستعدة لاحتكاك في خطوط التماس. واذا لم يتم الحفاظ على الهدنة فقد رُبطت المناطق التي تجتمع فيها القوات بانذارات «اللون الاحمر».
فاجأ سحب قوات الجيش الاسرائيلي من الخطوط المدنية في القطاع حماس لأنها تعتمد في قتالها على الأنفاق وعلى منطقة مأهولة وفجأة «إنفلت» العدو، وهي تحاول في اليوم الاخير أن تتفحص الخط الجديد باطلاق نار القناصين وراجمات الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات. ولم تستطع الى الآن أن تنقل قوات من عمق القطاع الى تلك المناطق التي دمر فيها الجيش الاسرائيلي كتائبها المتقدمة فيها. واذا استمر وجود الجيش الاسرائيلي في القطاع لسبب ما فيُخشى أن ينشأ ما يشبه حرب استنزاف وسفك دماء بلا غاية.

يقوم الجيش في خلال ذلك بكشف للارض من الجانب الاسرائيلي ومن الجانب الفلسطيني ليُسهل محاربة الانفاق في المستقبل. ومن الالتزامات التي أعطاها قائد منطقة الجنوب لسكان غلاف غزة أن يتم انشاء خط دفاعي ثان بعد السياج الحدودي الذي هو خط الدفاع الأول، ويرمي الخط الثاني الى مواجهة فتحات الانفاق اذا نجمت في داخل أرضنا. وفي غضون نصف سنة سينضج حل تقني للانفاق إلا اذا خيّب الآمال كالحلول التي سبقته.

اذا حُصل على هدنة واستقرت حقا فسيصل القاهرة غدا وفد اسرائيلي يبدأ التباحث في تسوية دائمة بين الطرفين. وهنا سيعرض كل طرف مطالبه الأساسية: فهؤلاء سيتحدثون عن انشاء ميناء وعن الافراج عن سجناء وعن بناء مطار وما أشبه، وستتحدث اسرائيل عن نزع سلاح القطاع. واذا فُتحت المعابر لعبور الفلسطينيين الى مصر والى الضفة ايضا في المستقبل فسيمنح المصريون أبو مازن هذا الانجاز لأن رجاله هم الذين جلسوا فيها لا رجال حماس.
أهي نهاية سعيدة؟ لا في الحقيقة. .

يديعوت