إسرائيل ليست نمراً من ورق

نتنياهو

رون برايمن

لا يشهد وقف اطلاق النار من طرف واحد الذي وافقت اسرائيل عليه وانهار بعد ساعات، لا يشهد على نصر أو اعادة بناء الردع، بل هو تعادل فقط مع المخربين يمكنهم من اعادة بناء أنفسهم ومواصلة الطريق. وهذه النهاية بين «قوة اقليمية كبيرة» ومنظمة ارهابية تعيد تعريف القوي والضعيف في واقع حياتنا على غير ما اعتقدنا.

وافقت اسرائيل في الماضي ايضا على تسوية نفسها بمنظمة ارهابية، فهذا ما حدث في الاستسلام المُذل في واشنطن في ايلول 1993 حينما ظهرت اسرائيل مساوية في مكانتها لمنظمة المخربين العرفاتية. وهي منذ ذلك الحين تجري «مسيرة سلام» واتصالات اخرى بمخربين غايتهم القضاء عليها وهم عرفات وعباس وحماس ونصر الله. ولا نعرف دولة اخرى تتجنب المس بكرامة ارهابيين أقسموا أن يقضوا عليها، بل إن اسرائيل تدفع احيانا ثمنا باهظا عن الحق في التباحث معهم في كيفية قضائهم عليها.

حينما حارب الحلفاء المانيا في الحرب العالمية الثانية لم يفاوضوا العدو ولم يبذلوا له شيئا بل طلبوا الاستسلام بلا شرط. أما عندنا فليست اسرائيل هي التي تشترط بل العدو. والقليل الذي تستطيع اسرائيل فعله الآن بعد أن وافقت على التعادل هو رد ساحق فوري دون ضبط للنفس ودون كف الجماح، فان لم تفعل برهنت لاعدائها على أنها ليست سوى نمر من الورق. يجب على اسرائيل أن تدع محمود عباس وأتباعه خارج كل تسوية في المستقبل. فعباس هو شريك حماس وأخوها في الدم. وهو جزء من محور الشر برغم أن يساريينا يحاولون أن يروجوا له بصفته معتدلا وأهلا لمحادثتنا. ولهذا لا يجوز أن نستجيب للجهود التي لا تكل لبيرس ولفني وهرتسوغ وغلئون لاعادته الى الصورة. وعباس بخلاف اخوته من حماس الذين يعلنون هدفهم على رؤوس الاشهاد، يسعى الى الهدف نفسه لكنه يكذب ويضلل مشجعيه في اسرائيل والعالم.

ونتحول الى قضية العملية البرية فنقول إنه لا تسويغ لتعريض الجنود الاسرائيليين للخطر ما لم تستنفد وسائل اخرى لا يصاحبها قتلى. إن الكهرباء للعدو بالمجان مثال سافر وليقل المستشارون القانونيون ما شاءوا. وإن صورة قطع تيار الكهرباء بالمجان ليست اسوأ من صورة هدم البيوت لكنه يُحس به احساسا جيدا. ويمكن أن يكتفي العدو بالماء والخبز وألا يُنعم بصنوف النعم.

وشيء آخر في هذه القضية وهو أن اسرائيل «القوية» محدودة بالتحصينات تحت الارض التي بنتها حماس تحت بيوت غزة باسمنت أمدتها اسرائيل به لتعيد بناء ما دُمر في العمليات السابقة في ظاهر الامر، لكنه يستعمل في واقع الامر في تحصن يهدد جنود الجيش الاسرائيلي ويزيد في ثمن الدم الذي ستضطر اسرائيل الى دفعه. وينبغي أن نأمل أن تفوق الحكمة السذاجة هذه المرة وأن تمتنع اسرائيل عن إمداد العدو بالاسمنت.

أجل إن جمع قوات بهذا الحجم وهذه الكلفة وعدم الاستعداد لاستعمالها يعرض اسرائيل على أنها نمر من ورق ويضعف ردعها. وكان يفضل من هذه الجهة الامتناع عن التجنيد الذي كان بمثابة «دعوني». أظهرت اسرائيل بعملية الجرف الصامد أنها تملك قدرة مدهشة على الدفاع عن نفسها لكنه لا نصر بملجأ فقط كما نعرف من ملعب كرة القدم بل اقصى ما نبلغ اليه التعادل لكن التعادل ليس اعادة بناء للردع.

 

اسرائيل اليوم