ارتفاع كبير في عمليات قتل الإسرائيليين في الضفة

بقلم: عاموس هرئيل

العقيد المتقاعد شريه عوفر، 61 سنة، الذي قتل فجر الجمعة في غور الأردن، هو القتيل الإسرائيلي الثالث بـ"إرهاب" فلسطيني في "المناطق" خلال ثلاثة أسابيع فقط. هذا ارتفاع كبير في الأحداث القاسية – التي ينبغي أن يضاف الى عددها إصابة الطفلة نوعام غليك بطعنات فلسطيني في مستوطنة بساغوت في بداية الأسبوع الماضي.

في الأشهر الثمانية الأولى من هذه السنة قتل في "المناطق" إسرائيلي واحد في عملية (أحد سكان يتسهار، افيتار بوروبسكي الذي قتل طعنا في أيار). وفي العام الماضي على مدى كل السنة، لم يسجل أي قتيل إسرائيلي في عمليات "إرهاب" في الضفة الغربية.

خلافا لفترات التوتر السابقة، يخيل أن هذه المرة من الصعب تمييز ميل واضح يوحّد كل الأحداث الأخيرة وربطها بتطورات أوسع على الأرض. الأحداث الثلاثة – قتل عوفر، قتل الجندي تومر حزان من "باتيام" بعد أن أغوي به للوصول الى قرية فلسطينية قرب قلقيلية والتسلل الى بساغوت – قد تكون لها أيضا صلة جنائية.

تقدر "قوات الأمن" بأنه كان للمنفذين في هذه العمليات الثلاث دافع قومي، ولكن يحتمل أن يكون في الصورة عنصر آخر أيضا.

في الحادث الذي قتل فيه حزان يتركز التحقيق في إمكانية أن يكون أغواه عرض تجاري إشكالي بالوصول الى الضفة. والحادث في "بساغوت" قد يكون أيضا محاولة اقتحام للبيت (الطفلة بلغت بأن المعتدي كان يضع قبعة جراب، بشكل لا تتميز به عملية "إرهابية"). والاشتباه الجنائي لا يزال يفحص أيضا في عملية القتل في الغور. ضمن أمور أخرى، على خلفية ديون مالية كبيرة على عوفر. ويوم الجمعة أوقفت "قوات الأمن" خمسة فلسطينيين، من سكان قرى في الغور للاشتباه بضلوعهم في قتل عوفر. وتفحص إمكانية أن القتلة كانوا يعرفون عوفر، على خلفية التقدير بأنهم كانوا على علم جيد بهيكلية المزرعة التي يسكن فيها.

الحادث الرابع في الأسابيع الأخيرة، مقاتل جفعاتي غال كوبي الذي قتل بإطلاق النار عليه في الخليل بقي لغزا: فلم يبلغ بعد عن العثور على معلومات استخبارية عن هوية منفذي العملية.

ولكن في خطوط عامة يخيل أنه يمكن أن نشخص مع ذلك عدة مميزات مشتركة للعمليات: انعدام الانتماء الواضح للمشبوهين بتنفيذ العملية لمنظمة "إرهابية" محددة وانعدام الإخطار الاستخباري المسبق (المرتبط أيضا بأن المشبوهين ليسوا أعضاء في منظمة معروفة، تلاحقها المخابرات). وقسم من العمليات على الأقل تلوح كمبادرات محلية لفلسطينيين عاديين، دون خلفية مسبقة بأعمال "الإرهاب". المشكلة هي أن نجاح العمليات – وهذا يقاس، لشدة الأسف، بإلحاق خسائر في الأرواح – من شأنه أن يشجع موجة من المقلدين، الذين هم أيضا دون خلفية تنظيمية ودون إخطار مسبق.

خلافا للماضي، لا تأتي سلسلة العمليات على خلفية تراكم ملحوظ مسبق من الإحباط الاستثنائي على الأرض، ولا تتداخل مع مظاهرات جماهيرية أو تلميحات وتهديدات باستخدام العنف من جانب مسؤولي السلطة الفلسطينية. وعليه، فرغم التصعيد في عدد الأحداث والقتلى، فإن التصعيد لا يوصف في هذه المرحلة كانتفاضة – وإسرائيل تبدو كمن لا تزال تتحسس طريقها بشأن سبيل رد الفعل السليم على العمليات الأخيرة.

وحتى دون أن نسمي ما يجري في الضفة انتفاضة، من الواضح أن إحساس الأمن لدى الإسرائيليين الذين يعيشون هناك يهتز بقدر ما. فبلدات تمتعت في السنوات الأخيرة بهدوء أمني نسبي تشكل مرة أخرى هدفا للعمليات. والمستوطنون يطالبون منذ الآن بقبضة اشد من الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. حتى الآن، صد الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية المطالب بإظهار نهج متشدد. ولكن يحتمل أن يشكل قتل عوفر بداية تغيير في السياسة. وسيتعين على الجيش أن يفحص تعزيز القوات في المستوطنات وفي بلدات الغور، بهدف تهدئة الخواطر.

على المستوى السياسي، سيشتد ضغط الجناح اليميني في ائتلاف نتنياهو – ولا سيما من جانب أعضاء "البيت اليهودي" برئاسة الوزير نفتالي بينيت بوقف أو على الأقل تأخير تحرير السجناء الفلسطينيين المحبوسين في إسرائيل، المخطط له في إطار البادرات الطيبة التي تعهدت بها الحكومة مع استئناف المفاوضات السياسية. والى جانب ذلك، ستشدد إسرائيل الضغط على قيادة السلطة لإظهار نتائج في نشاطها ضد "الإرهاب".

إسرائيل والسلطة الفلسطينية لا تريدان مواجهة عسكرية جديدة. وسيتعين عليهما الآن ان يعالجا بالتوازي – وبقدر من التنسيق – كبح جماح التصعيد على الأرض منعا لاشتعال أوسع. ولم نتحدث بعد عن الوضع الأخذ في التعقد في قطاع غزة، حيث "حماس" تحت ضغط شديد من جانب مصر، التي تمس باقتصاد القطاع وتعزل قيادته في الساحة السياسية. ولا تزال "حماس" تبحث عن مخرج لهذه الضائقة، ورغم امتناعها عن الصدام العسكري مع إسرائيل، من شأنها أن تغرى وتنظر في عملية واسعة استراتيجية على أمل إحداث جلبة كبرى تخرجها من مشاكلها الحالية.