الخطر الحقيقي هو كراهية اسرائيل

بقلم: اسحق بن ـ اسرائيل

تلميحات بروح جديدة تأتي من ناحية الرئيس الايراني روحاني. لقد سارع الرئيس الامريكي الى التعلق بها وبادر الى سلسلة خطوات أدت الى محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وايران للمرة الاولى بعد عشرات السنين. فهل هذا خير أم شر لاسرائيل؟
أعتقد أن الوضع الجديد ينطوي في داخله على تطورات ايجابية اكثر مما ينطوي على مخاطر. ومن أجل ان نفهم هذا ينبغي أن نتذكر بداية ما هو الاساس وما هو التافه في السياسة الايرانية. 

لاسرائيل يوجد، وعن حق، غير قليل من الشكاوى تجاه ايران: كراهية اسرائيل ونفي الكارثة، المشروع النووي، تشجيع المحافل المتآمرة حولنا للقتال ضد اسرائيل، الدعم غير المتحفظ لحزب الله ولمنظمات ارهاب اخرى وغيرها. اساس كل هذا السياسة الرسمية، الداعية الى شطب اسرائيل من الخريطة. لقد كانت هذه، وستبقى، المشكلة الاساسية بيننا وبين ايران. 
الايرانيون ليسوا الوحيدين في العالم ممن يتطلعون الى السلاح النووي. ولا يقض مضاجع المواطن الاسرائيلي وجود سلاح كهذا لدى باكستان (‘القنبلة الاسلامية’) او روسيا (حتى في ايام التي قاتلنا فيها عمليا ضد قوات سوفييتية، بل واسقطنا لهم طائرات). المواطن الاسرائيلي قلق من القنبلة الايرانية، لان هذه ترتبط بسياستها ضد وجود اسرائيل.
صحيح، في الماضي لم تكن ايران الدولة الوحيدة التي دعت الى ابادة اسرائيل. فقد ارتبطت بها دول عربية اخرى، بل حاولت تحقيق رؤيتها عمليا وفشلت في ميدان المعركة، ولكن في الاربعين سنة الاخيرة بقيت ايران الدولة الوحيدة في العالم التي تدعو علنا الى ابادة دولة اخرى عضو في الامم المتحدة. 
في مؤتمر عقد قبل اسبوعين في جامعة اكسفورد تبين لي ان الخوف من ايران نووية يقربنا اكثر من دول مثل السعودية. وهذه تخشى الارادة الايرانية لتصدير الثورة الشيعية اكثر من السلاح النووي الموجود برأيها في يد اسرائيل. 

ما الذي ينبغي إذن عمله؟ أولا، ينبغي استنفاد مسيرة استيضاح النوايا الحقيقية لايران. ولهذا الغرض يمكن الموافقة ايضا على الازالة الجزئية للعقوبات الاقتصادية مقابل التقدم المهم في المسألة النووية. على الهدف النهائي ان يكون الاستجابة لارادة ايران بالتزود بمحطات توليد طاقة نووية، ولكن من دون ترك امكانية فنية للخداع وبناء قنبلة في السر، هذه يمكن تحقيقها، مثلا، من خلال توريد وقود اليورانيوم المخصب من الخارج، واستبداله مقابل الوقود المستغل، بحيث أنه في اي لحظة معينة لا تكون بيد ايران كمية كافية للقنبلة.
هذا بالطبع، اضافة الى ازالة اليورانيوم المخصص من انتاج ذاتي والموجود منذ الان في يد ايران. هناك من يخاف عندنا من الازالة الجزئية للعقوبات، بدعوى أنه لن يكون ممكنا اعادتها، ولكن هذا الادعاء ثنائي الاتجاه: فالايرانيون يعانون اليوم بشدة من العقوبات، فلماذا سيرغبون في اعادتها؟

الى جانب مسألة النووي يجب أن يعالج قلب المشكلة. اعلان ايراني عن الغاء السياسة الداعية الى ابادة اسرائيل. اعلان مثل هذا فقط سيوفر المصداقية اللازمة لاتفاق على النووي، ويظهر أن ايران تنتمي الى اسرة الشعوب وليست شاذة تتطلب معالجة خاصة. 

مثل هذا الاعلان يمكن أن يأتي في اطار اكثر عمومية، تنضم اليه الدول العربية الكبرى (ولا سيما السعودية، الى جانب مصر). ولكن مع التحفظ في أن مثل هذه الخطوة تستوجب سير اسرائيل ايضا باتجاه الفلسطينيين. برأيي، هذا محتم اذا كنا حقا نريد أن نرى أمريكا تفرض ارادتها على ايران في الموضوع النووي.