ولادة سياسية

 

بقلم: سيما كدمون

 

 

 

ما كان يمكن تصديق هذه الصورة وهي صورة نتنياهو وليفني يقفان على المنصة جنبا الى جنب. وتظهر الجدية على وجهها وهو يعود الى تهديدات ايران وسوريا وحزب الله ويستعمل نفس استراتيجية التخويف التي تحتقرها هي كثيرا. وينظر اليها وتنظر اليه مع بسمة صغيرة وهزة رأس بالموافقة ومصافحة. وابتسامة واسعة اخرى منها ومنه ليصبح عندنا بدء صداقة رائعة.

عندنا اذا كل التسويغ لجعل الشعور بالاشمئزاز يعلو في حنجرتنا، وهو نفس الاشمئزاز الذي حاولت ليفني ان تحاربه بسياستها النقية. ويجوز لنا ان نشعر بالاشمئزاز. لأنه اذا بدت ليفني امرأة المباديء أمس كمن باعت مبادئها ووعودها وبرنامج عملها مقابل وعدٍ مشكوك فيه وهي متجهة الى ان تصبح بالضبط ما أعلنت أنها لن تصبح عليه وهو ان تصبح ورقة تين في حكومة نتنياهو – فلن يفاجئنا أي شيء.

إن هذا هاذٍ جدا ولا يُعقل جدا وهو أن من رفضت قبل اربع سنين مع حزب فيه 28 نائبا ان تدخل الحكومة بزعم أنها لن تستطيع التأثير وهي اليوم مع 6 نوابها، ومن غير خطوط أساسية ومن غير ان تعلم من سيكون شركاؤها – توحي بثقة كاملة بأنها تستطيع ان تدفع باتفاق السلام الى الأمام.

«إن الالتزام بالمسيرة السياسية هو الذي أفضى الى هذه الشراكة»، أعلنت ليفني في المؤتمر الصحفي. أبربكم؟. هل تؤمن حقا بأنه سيمكن اجراء مسيرة كهذه مع حكومة محتملة من الليكود بيتنا والحريديين والبيت اليهودي؟.

قالت انها انضمت بعد ان أُعطيت الصلاحيات الملائمة لتكون مفاوضة. فهل تؤمن من أعماق قلبها بأن هذا هو ما سيكون؟ ألم يعلن نتنياهو قبل شهر ونصف فقط على لسانه وبواسطة رئيس مقر اعلامه، بأن ليفني لن يكون لها أي موطيء قدم في الشأن السياسي. ما الذي تغير في الشهر الأخير إن لم تكن هذه محاولة يائسة من رئيس الوزراء لبناء ائتلاف واستغلاله لليفني كي يكسر الجمود.

«إنتقدت سلوك الحكومة»، اعترفت أمس أمام وسائل الاعلام مع بسمة صغيرة. «إنتقدت»؟ ماذا يكون هذا إن لم يكن التيار الغالب في هذا القرن. إن الأرشيف طافح بكلام قالته اعتراضا على الحكومة وعلى من يرأسها في الأساس. وقد قتلنا موفاز لشيء أقل كثيرا حينما انضم الى حكومة نتنياهو بعد ما قاله عنه.

تحدثت ليفني سريعا ربما كي تنهي في أسرع وقت ممكن هذا الشيء المقزز. وهي تعلم ان ما تم أمس يبدو مثل عمل يائس لسياسية يائسة ولا توجد طريقة اخرى لنصوغ هذا. إن التي أعلنت أنها عادت الى السياسة كي تسقط هذه الحكومة السيئة، والتي حاولت قبل الانتخابات باسبوعين ان تنظم كتلة حاسمة من احزاب الوسط كي لا تُمكّن نتنياهو من انشاء حكومة – ستكون أول من يمهد له الطريق لانشاء حكومة.

قالت لي ليفني أمس إنها لم تبع أية مباديء. وإن الالتزام للناخب كان واحدا وهو النضال من اجل المسيرة السياسية. وتقول: «اجل، عدت الى السياسة كي أحل محل نتنياهو. ولم يتحقق ذلك لاسباب كثيرة. وفي الوضع الراهن اذا استطعت ان أبلغ بقوتي وبالثقة التي أعطاني إياها المصوتون أبعد مدى فيجب علي أن أفعل ذلك».

وقد بلغت أبعد مدى، لا شك في ذلك. فقد أمسكت هي ونوابها الستة بنتنياهو في أكثر الاوقات حساسية ومن الموضع الأكثر حساسية في حين لا يوجد الى الآن ائتلاف في الأفق ويبدو الحلف بين لبيد وبينيت مصبوبا من الاسمنت. وحدث بذلك ان السيدة نظافة التي بحثت عن مباديء وجدت حقيبة العدل وادارة التفاوض وعضوية في المطبخ المصغر مضافا اليها حقيبة حماية البيئة. وربما قد حان الوقت للكف عن الحكم على ليفني باعتبارها سياسية مختلفة. فهي سياسة ككل سياسي مع مصالح شخصية ومع حسد وانتقام. فاذا حكمنا عليها على هذا النحو لا على أنها امرأة المباديء فانها قد نجحت نجاحا هائلا.

لقد قطعت مسافة طويلة منذ أن أُتيحت لها فرصة لمرة واحدة لانشاء حكومة فرفضتها لأنها لم تكن مستعدة لدفع رشوة الى الحريديين. وبعد ذلك رفضت اقتراحات نتنياهو المفرطة وبقيت في المعارضة. وقد علمتها سنواتها الشديدة هناك عدة اشياء وفي الأساس حقيقة أنها غير قادرة على ان تكون في المعارضة. وقد قالت لي أمس ببساطة: «جربت من الخارج وسأحاول من الداخل الآن».

إنها عالمة بأن وسائل الاعلام ستذبحها. وتقول إنها لا يهمها ماذا ستقول. وتقول: «اجل أنا أفضل حكومة مختلفة، ولا أعلم ايضا ان أتحدث الآن عن مبلغ صدق كلامهم على أنهم سيدعونني أُجري التفاوض».

لكنها تعلم ايضا بأنها اذا لم تحاول فلن تغفر لنفسها. والسؤال هل يغفر لها مصوتوها.