تحالف الاحتلال: الجيش، المستوطنون، والمحاكم.. في مواجهة الفلسطينيين

 

بقلم: كوبي نيف

 

اليساريون مضحكون، فهم منذ عشرات السنين يتفاجؤون ويشتكون ويتباكون: ويلنا، ويلنا، ويلنا، شاغب المستوطنون مرة اخرى وهاجوا، ولم يصنعوا بهم شيئاً. ومع كل ذلك، وبرغم التباكي والتوجهات الحثيثة بقي كل شيء كما كان، فالمستوطنون يفعلون في "المناطق" ما شاؤوا ولا يصنع بهم أحد شيئاً، واليساريون لا يفهمون أي شيء.

الجيش، الذي يبدو كأنه السيد في "المناطق"، لا يشوش بتاتاً على المستوطنين المشاغبين، واذا تدخل كان ذلك لمصلحتهم بالطبع. أما الشرطة، إذا جاءت أصلا، فتعتقل دائما الفلسطينيين المضروبين واليساريين المحتجين، وتضع يدا محبة على أكتاف المستوطنين. واذا أُجري هنا وهناك تحقيق في الظاهر مع مستوطنين مجرمين فان جميع الملفات تُغلق تقريباً لعدم وجود أدلة أو لعدم أهمية ذلك للجمهور؛ أي لعدم اهتمام الشرطة بأن تجد أدلة.

وحتى لو انصدع صدع في احيان متباعدة في سور عدم العدل وحوكم مع كل ذلك مستوطن أجرم، فان قضاة اسرائيل يظهرون كإخوة رحماء ويجدون الكثير من الاسباب لتبرئة المتهم أو لفرض عقوبة سخيفة عليه مثل تصنيف أحذية مدة ساعتين. واذا فرض قاض بالخطأ مع كل ذلك عقوبة حقيقية على مستوطن أجرم قام فوراً أخوته ورفاقه في الكنيست وفي الحكومة من أجل العفو عنه وارساله الى بيته، وسلام على المستوطن.

إليكم مثالا صغيرا فقط نشر، مؤخراً، وهو ان دولة اسرائيل عوّضت ببضع مئات آلاف الشواقل مناحيم لفني، قائد الجبهة السرية اليهودية القاتلة، الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد وأُفرج عنه بعد ست سنوات، من أضرار أصابت قطعة زراعية يفلحها دون رخصة منذ عشر سنوات في قرية فلسطينية.

ما هو الشيء غير الواضح هنا؟.

لكن من يُدعون يساريين يستمرون في عدم الفهم ويستمرون في الشكوى من ان أذرع السلطة التي أوكل اليها تغليب القانون والنظام لا تعامل المستوطنين على أنهم مواطنون يهود عاديون بل تعاملهم كأنهم أبناء الله. ولا تعاملهم على أن القوانين التي تسري على البشر الفانين لا تسري عليهم بل إنهم أصلا يقومون فوق القانون، فوق كل قانون، ما عدا القوانين التي أوجدوها لأنفسهم بالطبع.

لكن ماذا نفعل أيها اليساريون المحترمون، ليست هذه هي الصورة الصحيحة للحكم أو القانون اللذين يسودان "المناطق". فالوضع ليس كذلك بحيث يقف الفلسطينيون من جهة والمستوطنون من جهة اخرى وتقوم في الوسط اجهزة فرض القانون والنظام كالجيش والشرطة والمحاكم التي يفترض ان تُرتب الامور، كصخرة ديمقراطية صلبة. ليس الامر كذلك حقا. فالجيش والشرطة والمستوطنون وحرس الحدود وجهاز الامن العام والمحاكم العاملة في "المناطق" كلها أذرع مختلفة بملابس مختلفة وزي تنكري مختلف ليد واحدة هي اليد الطويلة المبسوطة لضرب دولة اسرائيل وهدفها واحد وهو سلب الفلسطينيين ارضهم وكرامتهم ومصادر عيشهم وفعل كل شيء لجعل حياتهم هناك مُرة الى ان ينهضوا ويتركوا وطنهم كي تُسكن اسرائيل مواطنيها اليهود في اماكنهم.

إن الجيش والشرطة والجنود المتنكرين بلباس رجال الشرطة المسمين حرس الحدود هم الذراع المكشوفة. وأما جهاز الامن العام فهو الذراع الخفية. وأما المستعربون فهم الذراع التنكرية. والجنود المتنكرون بلباس القضاة هم ذراع التزيين المغطية على ذلك. والمستوطنون هم الذراع التنفيذية المجنونة ("أمسكوني وإلا قطعت اشجار الزيتون")، لكنهم جميعا يد واحدة هي اليد القوية التي تعمل بذراع مبسوطة لإحباط كل احتمال للسلام.