"سنحج إلى قم في العام المقبل"

بقلم: 

على بال زمن..بقلم صالح مشارقة

لا أفهم في الملاعب ولا في مباريات الذهاب ولا الإياب، لكن ما لفتني هذا الصباح نقاش زملائي عن الموقفين السعودي والماليزي الرافضين للعب مباريات في الملاعب البيتية الفلسطينية، وعن أزمة ناشبة بين اتحاد الكرة الفلسطيني المتمسك بمكانة فلسطين وبأهمية أن تلعب كل الدول على ملاعبها، وبين الرئاسة الفلسطينية المعنية بالموقف السياسي والمالي السعودي، والباحثة عن ملعب عربي أو إسلامي صديق تجري عليه اللعبة بين الفريقين الفلسطيني والماليزي. 
خارج فكرة الرياضة سأكتب رأيي اليوم.

قبل سنوات اختلفنا على التطبيع وتعريفه، ولم نتفق على شي، وعدم الاتفاق هذا أنتج حذرًا شديدًا بين الفنانين والمثقفين والعمل الأهلي والحكومات، وعايشنا ملفات صعبة وقعت في شبهة التطبيع، مثل الحجيج القبطي الى القدس، زيارة الشاعر هشام الجخ، لجنة تحكيم برنامج محبوب العرب.. وخسرنا النقاش كل من زاويته سواء الرافضين لزيارة العرب والمسلمين لفلسطين أو المرحبين بذلك، خسرنا وسكتنا لسبب بسيط، الواقع اليومي أو الانتاج اليومي للأحداث ... بلاش ... الممارسة الفعلية أهم من الأيديولوجيا والخطابات والشعارات والكتابات أيضاً.

كان وما يزال هذا موقفنا نحن ككتاب وصحفيين ومفلسين ومحرومي مناصب وصعاليك ومؤجري غرف جمالية... لكن لماذا تلعب السياسة الخارجية السعودية مثلنا في الرأي العام، لماذا هذا الضياع والتيه في سياسة خارجية لدولة عربية هي الأغنى اقتصاديا والأقدر استراتيجيا على صناعة الواقع لا العيش على ضفافه مثل صاحب جريدة إعلانات لا يعرف ما هي الصحافة؟.

السعودية التي تحمل مع منظمة التحرير منذ التسعينات مشروع السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، ممنوع أن تأتي لتقول موقفاً مثل اتحاد فناني الكاريكاتير في السودان أو لبنان، يجب على المملكة أن تعمل وتخطط وتتورط في بناء الدولة الفلسطينية لا أن تترفع عليها بالخوف من شبهة التطبيع.

يجب أن تخرج السياسة السعودية من فكرة التمويل عن بعد كصانع سياسات اقليمية واستراتيجية،  واعتماد رياضتها وفنها وثقافتها وسياستها وفكرها السياسي مهما كان نوعه في صناعة التحالفات وبناء المستقبل في المنطقة العربية، والدرس الماثل في سوريا وقبله في مصر أكبر برهان، دعوكم من التمويل الاعتباطي لكل مطالب، أخرجوا من فكرة الداعم إلى المشارك في التنفيذ، واحملوا مع منظمة التحرير فكرة بناء الدولة عن قرب وليس عن بعد، بالزيارات والاستثمارات وبعدم الارتهان لأي موقف خارجي.
على الرياض أن تبني دولاً لا أن تدعم مجموعات، هذا هو دورها، والتلهي بمواقف لمحاربة التطبيع او انتظار المصادقة الغربية على الإخوان للعمل معهم، أو عدم "مصاهرة" العلمانيين العرب أو مشاركة القوميين في الأغاني مثلاً، هذا شغل المفكرين الصافنين في سماء الدنيا والمنتظرين الرفيق الأعلى.
بقاء المملكة في المقاعد الخلفية، في صناعة السياسة في الإقليم بالطبع سيعطي قطر الصغيرة أو ايران المتعاظمة الحق في التدخل الإقليمي وبناء وفك وتركيب السياسة دون أي حساب لبلاد الحرمين الشريفين.

انتظار إسرائيل أو إيران لتصل إلى دولة جوار وتحتلها، لأخذ قرار التفاعل والتدخل والتركيب والفك هذا لن يفيد السعودية لا شعبها ولا مملكتها. والرياض مدعوة ليكون لها فعل ونشاط أشد نبرة من المواقف اللاتينية التي فاقت التوقعات في ردود فعلها.

قلت أنا وعدد قليل من أصدقائي موقفنا الداعم من تدخل السعودية في اليمن، وخسرنا أقراننا من القومين "الباشقين" واليساريين اللاجئين إلى ضفاف الليبرالية الكلاسيكية، والعروبيين المنتشين بالزعوط الروسي وسيملؤن الدنيا عطساً... أقول هذا كي لا يفهم أنني من متيمي مهاجمة المملكة، لكن موقفها من عدم اللعب في فلسطين موقف أرعن و"سمول سايز" بصراحة، ويذكرني بموظفات وموظفين عرب في منظمة دولية يرفضون الذهاب لمتابعة برامجهم في بلدان الكارثة. والسبب ماذا: رفض التطبيع أو الخوف على الأمن الشخصي.. وهنا ليس أبلغ من مصطلح: يا عيب الشوم!.

العنوان ليس لي: بل لأحد الفجرة من مدمني المقاهي الرديئة في رام الله، الذي قال إنه سيحج إلى مدينة قم الإيرانية بدل مكة والمدينة، رداً على عدم قبول السعوديين بالقدوم واللعب في القدس.

مقال خاص بزمن برس