لا أُحِبُّ رام الله هادئة

بقلم: 

حينما أُولجُ إلى داخلها وأراها هادئة أختنقُ وأخرجُ سريعاً إلى أطرافها وكأنّني لمْ أعرفَها وأقولُ في ذاتي هلْ هذه رام الله التي أشاهِدُها هادئة بكُلّ جنونها ؟ .. فأعودُ بعد برهة من الزّمن إلى أطرفاها وأتحسّسُ جسدها المُثقل مِنْ بناياتها الجميلة البشِعة فأرى الهُدوء حين يتسلّلُ مِنْ بطنها المُضطرب وهو يخرجُ مهرولاً نحو الجِبالِ المشرفة على طلّتها المُبهرة ..

أخطو في شوارعِها للحظاتٍ فأراها تبتسمُ كعادتها وصخبُها يبدأُ في إيقاظها مِنْ هُدوئها السّمِج وتبدو مدينةً جميلة كما أُحِبُّها .. فأنا لا أحِبُّها هكذا هادئة .. أريدها بأنْ تبقى تعِجُّ بضوضائها وحركتها لكيْ أراها رام الله الرّائعة بكُلِّ فوضاها السّاحرة .

فحينما أراها هادئة تقتلُني وتجعلني أنفرُ منها وأبتعدُ عنها عنوةً لكنّني أظلُّ أُحِبُّها لأنّني أعرفُ بأنّها لا تُحِبُّ الهُدوءَ .. فحُبُّي لها وهي صاخبةٌ يفوقُ حُبُّي لها حينما تكونُ هادئةً .. فرام الله لا يليقُ بها الهدوء لأنّه يقتلُها ويخنقُها ويجعلُها مدينةً باهتة بلا ألوان كالصُّورة القاتمة التي تنعدمُ فيها الحَرَكة ..