فلسطيني في مواجهة "داعش" و"بوكو حرام"؟!

بقلم: 

استفزني تصريح الأخ وزير الخارجية الفلسطيني د.رياض المالكي في ميونخ-إن صح ما نقل عنه- الذي عرض فيه إمكانية قتاله واستعداده للحرب ضد "داعش" والقاعدة والنصرة بل و"بوكو حرام" ، ليس لأننا كفلسطينيين مع الإرهاب وهو الذي يشوه الإسلام والأمة، لا سمح الله، وليس لأننا مستفيدين من الوضع المزري للأمة التي ينهشها التفتت والتجزيء والطائفية، حيث المحصلة قطعا للاسرائيلي، وليس لأن ذلك ضد مصلحة تركيز الأنظار على قضيتنا فقط، وإنما من باب آخر، هو بكل بساطة: وما شأننا أن نعرض "خدماتنا" للآخرين ونحن أكثر الناس حاجة للتضامن معنا؟ عدا أن مثل هذه التصريحات تُخل بمبدأ هام وأساسي في الوطنية الفلسطينية الذي يقتضي الأولوية والجمع والتركيز "بالحرب" والنضال ضد العدو الرئيس الذي يحتل أرضنا لا سواه.

نحن قضية كانت ويجب أن تكون عربية إسلامية شاملة جامعة وللعالم، وليس قضية تنتحر عندها الأمة أو تتفرق حولها أبدا، فكما نعيب على البعض الوطني الآخر تساوقه مع الطروحات العولمية كما هو الحال من فئة في "حماس" تنخرط في سياق حرب الاخوان المسلمين ضد الكثيرين، ولا تركز على الهم الوطني الفلسطيني أولا،فإن النزوع لمثل هذا الفعل عند السلطة الوطنية الفلسطينية كما فعل وزير الخارجية لا يصب مطلقا في مصلحة القضية.

نحن معنيون أساسا بالدفاع عن شعبنا ومعنيون بالنضال ضد كل مكونات القهر والاحتلال والاستيطان وتدمير المقدسات، والاختلال الذي يحدثه الإسرائيلي اولا وثانيا وثالثا، فقضايانا كثيرة ومعقدة وتحتاج جهد العالم معنا، وإن كان لنا من هدف خارج الحدود الوطنية فإن أولويتنا الحضارية هي شد أزر الأمة وتحقيق تضامنها ووحدتها حول فلسطين وليس التبرع والتطوع وعرض الخدمات للقتال ضد "بوكو حرام" و"داعش"؟

قال رياض المالكي في ميونخ كما نقلت الجزيرة مباشر في 8/2/2015 (نحن مستعدون للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة والقاعدة داخل سوريا والعراق وحتى مجموعة الشباب وبوكو حرام، ونحن مستعدين للمشاركة وعرض خبراتنا)

هل يعقل لصاحب قضية مثل قضية فلسطين التي مازالت ترواح مكانها بين فكوك الوحوش، وهو لا يستطيع أن يصلح بيته المجزأ بل والمنقسم أن يعرض مساعدته-وهو الضعيف أصلا- على الآخرين في حروبهم؟! أما كان الأجدر والأولى به أن يقضي على انقساماته الداخلية في بيته، ويوحد جهوده أولا، ويركز عمله ويكرّس نفسه للحرب والمقاومة التي يخوضها ميدانيا وسياسيا وقانونيا ضد الاسرائيلي، بل وفي حرب الرواية التاريخية ضد نتنياهو ويمينه الفاشي.

ما كان مقبولا أبدا برأيي أن نصرخ بهذا الشكل، ونعلن استعدادنا للحرب في معارك بعيدة عن أرضنا وساحتنا الرئيسية، وفلسطين والثورة الفلسطينية رسخت الأولوية والتكرس والتخصيص بالقضية النضالية الفلسطينية إطارا جامعا، كما أننا لسنا خداما الآخرين في حروبهم، التي إن دعمناها فإننا ندعمها بصفتنا ضد الارهاب والاحتلال والتطرف عامة، عدا أننا لا نستطيع فعل ما نقول أبدا، وعجزنا الداخلي بيّن، وفلسطين بوصلتنا دوما.