على "حماس" أن تختار: فلسطين أو "الإخوان"

بقلم: 

اتخذت السلطات المصرية قراراً خطيراً بتصنيف حركة الإخوان المسلمين حركة إرهابية. يندرج هذا في إطار الصراع الجاري في مصر، بين الدولة من جهة، وحركة الإخوان من جهة أخرى، وهي التي تحاول أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، بالمطالبة بعودة محمد مرسي إلى الرئاسة والتراجع عن الهبة الجماهيرية في 30 يونيو وما تلاها. وقد لجأت الحركة إلى العنف ضد رجال الدولة، عسكريين ومدنيين، في محاولة لفرض وجهة نظرها وقراراتها.

مثل هذا الوضع؛ له انعكاساته على الحالة الفلسطينية، والمدخل إلى ذلك حركة "حماس" التي تشكل الفرع الفلسطيني للإخوان، وهذا ما يضع الحركة في مأزق سياسي لا بد لها أن تجد له حلاً.
تمارس "حماس" دورها في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها أحد الفصائل الفاعلة، وهي عضو في هيئة العمل الوطني الفلسطيني العليا، التي يترأسها الرئيس محمود عباس، وتضم الأمناء العامين، ورئيس المجلس الوطني وأعضاء اللجنة التنفيذية، وعدداً من الأعضاء المستقلين. وبالتالي فإن كل ما يُلزم الحالة الفلسطينية يفترض أن يُلزم "حماس" باعتبارها أحد أطراف هذه الحالة.

لا نذيع سراً إذا ما قلنا إن "حماس" متهمة بالتورط في ظل السياسات الإقليمية التي اتبعتها، في سوريا أو في مصر.
ففي سوريا لم تلتزم القرار الفلسطيني بتحييد الحالة الفلسطينية عن الصراع، ولـ"حماس" علاقة ما بمجموعات من المسلحين داخل مخيم اليرموك، تمدهم بالمال الضروري.
موقف "حماس" هذا أضعف وحدة الموقف الفلسطيني، الذي كان يجب أن ينبني على الإجماع بالتحييد، ونعتقد لو أن الأمور سارت وفق هذا المنطق، لوصلت الحالة الفلسطينية في سوريا إلى نتائج مغايرة، أفضل بكثير مما هي عليه الآن.

كما أن "حماس" متهمة بالتعاون مع حركة الإخوان المسلمين في القاهرة، ومع محمد مرسي، قبل انتخابه رئيساً وبعده، وهو الآن محال إلى المحكمة بتهمة التخابر مع أطراف أجنبية منها حركة "حماس"، كما أن عناصر من "حماس" متهمة بالمشاركة في التظاهرات ضد حركة 30 يونيو، وفي التحركات العنيفة ضد رجال السلطة المصرية، مدنيين وعسكريين، وتتحدث السلطات المصرية عن دور لـ"حماس" في دعم المجموعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء وهي تعتدي على رجال الجيش (الأمن الوطني والشرطة المصرية).
تورط "حماس" في الصراعات العربية والإقليمية هو ـ شئنا أم أبينا ـ توريط للحالة الفلسطينية خاصة أن "حماس" تتولى إدارة شؤون قطاع غزة، ما يعني أن السياسة المصرية حيال "حماس"، تعكس نفسها بالضرورة على قطاع غزة، وتحديداً إغلاق المعابر.

"حماس" تقف عند مفرق طرق، وعليها أن تختار بين فلسطين وبين حركة الإخوان. فإذا اختارت فلسطين، عليها أن تخرج من تحت عباءة الإخوان، وأن تتنصل من أعمالهم في مصر وسوريا وفي أي بلد عربي آخر.

أما إذا اختارت الإخوان، فمعنى ذلك أنها ستلحق الضرر بالحالة الفلسطينية، وبالتالي هي تغلّب مصالحها الإخوانية الفئوية على المصالح الوطنية العليا الفلسطينية.
بقاء "حماس" في كنف الإخوان، هو إدامة للتوتر مع مصر وسوريا، و"حماس" وحدها تتحمل مسؤولية هذا التوتر، وما يمكن أن ينتج عنه من تطورات تلحق الضرر بالقضية الفلسطينية.
 

المصدر: 
النهار