المصالحة الفلسطينية واجبة وضرورية

بقلم: 

يتوهم أعداء الشعب العربي الفلسطيني ، وقطاع من الانتهازيين من ضيقي الافق الذين يحاولون الصيد في المياه العكرة و “ التعشلق “ على الخلافات والتلذذ على إستمراريتها ، يتوهمون في الرهان  على إستحالة المصالحة الشخصية والتنظيمية بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والنائب محمد دحلان أو حشر الناس في زاوية ضيقة عبر مطالبتهم في الجواب على السؤال أنت مع أبو مازن أم مع دحلان ؟؟ وكأنهما أعداء متصادمون ، أحدهما مع الحق والاخر مع الباطل ، أحدهما في خندق شعبه والاخر في الخندق المتصادم مع حقوق شعبه ونضاله ، هذا وهم ورهان خاسر وقراءة باطلة منهجية بين الاشخاص والاجنحة بينما الاجتهادات مشروعة وطبيعية بل ومقبولة ، طالما أنها لا تخرج عن ثوابت المصلحة السياسية للشعب العربي الفلسطيني .
الرئيس محمود عباس والنائب محمد دحلان ، كانا كلاهما من طاقم الراحل ياسر عرفات ، ولم يتفوقا عليه لا أداء ولا سياسة ولا قدرة ، بل عملا معه سوياً من مواقع التبعية للسياسة التي كان يقودها ، وإختلفا معه معاً ، فكانا معاً في حالة إجتهاد سوية في مواجهة سياسة الرئيس الراحل أبو عمار ، ورحل الراحل وهما معاً ، وصنعا معاً سياسة ما بعد أبو عمار ، وكلاهما قادا المؤتمر السادس لحركة فتح وحصلا على شرعيتهما الحزبية والحركية والتنظيمية معاً من المؤتمر السادس لحركة فتح الذي عقد في شهر أب 2009 ، الاول أنتخب رئيساً للحركة ، والثاني عضواً في لجنتها المركزية ، ومثلما حصل كلاهما على شرعيته الفلسطينية من الشارع الفلسطيني ، الاول رئيساً للسلطة الوطنية ، والثاني عضواً في المجلس التشريعي في 25/1/2006 .
وإختلفا معاً لأسباب غير جوهرية ، وغير عقائدية ولا تخرج عن الاطار الوطني وعن المؤسسة الحركية والفلسطينية ، ولذلك من الطبيعي ، أن يتصالحا ويصلا إلى تجميد للخلاف فالتفاهم فالمصالحة ، ولم يحصل ذلك ، لإسباب ذاتية شخصية ضيقة وضيقة جداً ، غذاها بعض أعضاء اللجنة المركزية الذين لا مصلحة لهم في التوافق والتفاهم والمصالحة لأن هؤلاء كل منهم يجد نفسه المرشح والبديل ، والمصالحة بين الرجلين ستعيق تطلعاتهم وحوافزهم للقفز لما هو أبعد وأقوى وأهم من سقف عضوية اللجنة المركزية .
التدخلات المصرية والاردنية المدعومة سعودياً وإماراتياً وروسياً وفرنسياً ، لها دوافعها وقوتها وأسبابها ، فالامن الوطني لكلا البلدين يتأثر مباشرة بما يجري في فلسطين ، وأمنهما مرتبط بأمن الفلسطينيين وتطلعاتهم وإستقلالهم ، وبما يتصادم ويتناقض مع مخططات وبرامج المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، وإذا كان ثمة تعاون أمني بين أي عاصمة عربية وأجهزة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي فيتم ذلك من تحت الطاولة ، وبخجل لا يستطيعون المباهاة به أو التصريح عنه ، لأن المصالح الوطنية والقومية والدينية الاستراتيجية للعواصم العربية وفي طليعتها القاهرة وعمان المرتبطتين بمعاهدتي كامب ديفيد ووادي عربة ، تتعارض جوهرياً مع برامج المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ويتم ذلك على حساب العرب وفي طليعتهم مصر والاردن بعد الفلسطينيين ، ولذلك من الطبيعي أن تنسجم المصالح الوطنية والقومية والدينية المصرية والاردنية والعربية والإسلامية والمسيحية مع المصالح الفلسطينية ، وأن يقف هؤلاء جميعاً في الخنادق المساند للنضال الفلسطيني من أجل إستعادة حقوق الشعب الفلسطيني الكاملة غير المنقوصة والعمل والتصدي وكبح جماح وبرامج المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وهذا السبب الجوهري الاول الذي يدفع القاهرة وعمان نحو الاهتمام بمعالجة الوضع الفلسطيني وتصليب بيته الداخلي وإزالة عقبات هذه المعالجة وتطلعات هذا التصليب .
الذي دفع القاهرة وعمان للتدخل الايجابي ومعهما الرياض وأبو ظبي ، والإشتباك الاخوي لتحريك حالة الجمود الفلسطينية هو إخفاقات القيادة الفلسطينية فتحاوياً وفلسطينياً بشكل متتالي فلا هي إستطاعت عقد المؤتمر السابع لحركة فتح لولادة قيادة فتحاوية جديدة مؤهلة تعكس تطورات البنية الداخلية وضخ دماء جديدة في صفوف قياداتها ، بعد أن تكلست كما وصفها القائد مروان البرغوثي من موقع إعتقاله من داخل سجون الإحتلال ، ولا هي إستطاعت عقد المجلس الوطني الفلسطيني لنفس الهدف نحو إشراك حركتي حماس والجهاد ونحو تغيير قيادات شاخت وتتطلب التغيير وها هي تتخبط حتى في إجراء الانتخابات البلدية يوم 8/10/2016 ، ولذلك جرى التدخل الايجابي المصحوب بالنصيحة والرجاء على قاعدة الشراكة والاسناد من قبل مصر والاردن عبر الرباعية العربية ، بعد أن أخفقت القيادة الفتحاوية في عقد مؤتمرها السابع ، وبعد أن أخفقت القيادة الفلسطينية من عقد مجلسها الوطني ، إضافة إلى إخفاقها الفاقع في معالجة ذيول الانقلاب وإنهاء الانقسام بين الضفة والقطاع .
لقد دللت التجارب السياسية والكفاحية للشعب العربي الفلسطيني أن التدخلات العربية لا تتم إلا على أثر الانقسام الفلسطيني ، وإذا كان ثمة حساسية فلسطينية من التدخلات العربية فهي حساسية مشروعة ، نقف معها ونتصدى لها طالما أن هذه التدخلات ضاغطة على حساب مصالح الفلسطينيين ووحدتهم وتوافق برنامجهم ، ولكن حينما تكون هذه التدخلات ذات طابع أخوي يعكس الشراكة وتتوسل المصلحة بسبب العجز الفلسطيني من التوصل إلى تفاهمات داخلية وإتفاقات أخوية وشراكة جبهوية في إطار منظمة التحرير من أجل تقويتها وتعزيز صفوفها فهذا مطلوب وحيوي وضروري ، أما حينما تكون غير ذلك ستواجه هذه التدخلات العربية بعوامل طاردة لا تقبل التدخل في البيت الفلسطيني الاقدر على معالجة شوكه وإزالة معيقات طريق إستمرارية نضاله ، وتماسك جبهته الوطنية الداخلية عبر مؤسسات منظمة التحرير وأداتها الميدانية السلطة الوطنية الفلسطينية ووحدتها .