محمد القيق: الأسطورة التي تستحق الحياة أكثر من أيِّ شخصٍ منا

استصرخنا نادانا ناجانا قال أين أنتم يا شعب فلسطين، أين القيادة الراعية لأحوالنا، أين التحرك السريع لإنقاذ بقايا روحي، أين أنتم من دموع أهلي، أين أنتم من نحيب زوجتي، أين ستولون وجوهكم من يُتمِ أطفالٍ دون وجهِ حق، من دموع اشتياقهم لي....

٨٤ يوماً بساعاتها ودقائقها ولحظاتها، بآلام أبيٍّ حُر رفض الذل، بمناجاة صاحب حق أبى الظلم، بمصارعة شخص وحيد لشبح الموت، بل بسيره نحوه بخطى واثقة.
٨٤ يوماً والماء هو المأكل والمشرب، لشاب ثلاثيني، هزل جسده وتقطعت احشاؤه الداخلية، فقد حاسة السمع والبصر، لم يعد يقوى على الكلام او الحركة، غذاء جسده كان ولا زال على أعضائه الداخلية.
إنه الاسطورة محمد القيق الذي تعب، صرخ، تألم، توجع، ولكن الحال بقي على ما هو عليه!!! كان حلمه أن يعيش كأي مواطن بسيط، تزوج فأنجب، فعمل بما تعلم، بمهنة الصحافة، تلك المهنة التي تهدف لإيصال الصوت والصورة والكلمة الحقيقية الصادقة للعالم أجمع، ونقل معاناة المضطهدين أينما وجدوا، فكان هذا ذنباً اعتقل من أجله مرات عديدة، فقد أمضى القيق ما يقرب الثلاث سنوات خلال ثلاث مرات اعتقال في السجون الإسرائيلية، كانت آخرها عام ٢٠٠٨، حتى تم اعتقاله هذه المرة بتاريخ ٢١/١١/٢٠١٥ عند الساعة ٢:٠٠ فجراً، من منزله الكائن في مدينة رام الله.
تعرض القيق هذه المرة للتعذيب وسوء المعاملة فقرر خوض الإضراب المفتوح عن الطعام، فهو معتقلٌ إدارياً دونما تهمة، ودونما مدة محددة، أي "دونما وجه حق"، كآلاف الشبان والشابات القابعين إداريا خلف القضبان. فكان إضرابه انتصارا لكل المعتقلين اداريا، والذين تُجدد محكومياتهم كل مدة لتمضي بهم السنين، وهم لا يعلمون سبب اعتقالهم، ولا يستطيعون ان يبنوا أملا لوقت خروجهم الذي يجهلونه تماما.
ان الجسم الصحفي الفلسطيني مستهدف ككل شيء حولنا، فالمحتل يهدف لإسكات صوت الحق والكلمة، وبسكوتنا نحن على ما يحصل للكاتب الصحفي محمد القيق، كأننا نصفق للمحتل على فعلته، فكفانا جُبناً وخوفاً، كفى لقلوبنا اندثارا تحت التراب، كفانا فصائلية وحزبية ولننتصر لإنسانية هذا الشاب، ولنتعلم العزة والجبروت والقوة من الأسطورة التي هي أهلٌ للحياة أكثر من أيِّ شخصٍ منا "محمد القيق".
 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.