في يوم الحِجاب العالميّ!

ألاء حمدان

يصادف الأوّل من فبراير من كلّ عام يوم الحجاب العالمي. قرَّرَتْه مسلمة أمريكية بهدف زيادة الوعي حول الحِجاب وأنّه ليس اضطهاداً للمرأة، بعيداً عن تفاصيل الحجاب الشّرعي والتي نجدها في أول عملية بحث في محرّك جوجل.

وإن سألت نفسي لماذا ألبس الحِجاب؟ سأجيب..

- لأنّني عندما أصلّي في مطار أثناء سفري، وأوضّب سجادة الصّلاة بعد التّسليم، أريده أن يبقى هناك ليذكّرني لمن صلّيت.

- لأنّني أريد عندما أُقدِم على خطيئة ما أن أتذكر انَّ الحجاب على "عقلي" يذكّرني "كيف تجمعين هذا وذاك؟"، فينتصر الخجل من الحجاب على الخطيئة.

- أنا لست لؤلؤة، لأنّه من غير أخلاق الإسلام أن نرى كلّ غير محجّبة "غير نظيفة" أو "مُنتهكة"، نعم هناك إثم لمن عصت أمر الله تماماً كباقي المعاصي، ولكن من قال إنّك لؤلؤة وهنّ تُراب؟

- أريد الحجاب تذكيراً أحمله أينما ذهبت. أريده أن يكون مفتاحاً للابتسامة وطريقاً للدّعوة. نعم أريد أن يكون صدقي دعوة دون الاضطرار لإثبات ما هي ديانتي. وأريد أن تكون أمانتي دعوة، وإتقاني لعملي دعوة، وحبّي للخير دعوة، واجتهادي دعوة، وحبّي للتّصوير دعوة، والكتابة والطّعام والطّهي،و أيّ أمر كان.. كلّ ذلك وحجابي معي وتلك دعوة صامتة.

- أريد أن أشعر بالجهاد. أريد ثغراً دائماً، حبلاً قويّاً، مهما عصيت ربّي أعادني إليه. أريد أمراً واحداً في حياتي أتأكد أنّني لا أُخِلّ به، ولا أتركه يوماً وأعود له في اليوم التّالي. الصّلاة قد أنام عنها، وإتقان العمل قد أتغاضى عنه يوماً، وحبّ الخير، قد تنتصر عاطفتي يوماً على العقلانية في موقف ما، أمّا الحجاب؟ فكيف أنسى ارتداءه يوماً؟ إمّا أن تكوني محجّبة أو لا تكوني..

- أريد أن أضمن لقاء ربّي بأمرٍ واحدٍ على الأقل أتقنته يوميّاً حتّى آخر نَفَس.

من الصّعب جدّاً لي شخصياً، أن ألبس الحجاب كلّ يوم فقط حتّى يستطيع زميلي في العمل التّركيزفي عمله، برأيي أن يبقى هو بالمنزل ويجعلني ألبس ما أريد، أسهل لي وله. فإذاً هناك فجوة ثقافيّة زُرِعت في عقولنا وكأنّ الرّجال يسقطون أمام كلّ فتاة غير محجّبة، وهو ما دعى الشّباب إلى التّهوّر أحياناَ في المعاصي عند السّفر والغُربة. أخي، أنا ألبس الحجاب لا لأنّك لا تستطيع كبت جماح شهوتك والتي ليست من شأني، بل لأنّني أراه كالصّلاة والصّوم، هو عبادة. فلا تُلقِ بإثم أهوائك على ملابسي.

- نعم فُرِض الحجاب لحكمة. فمثلاً الحجاب يساعد في غضّ البصر، ويساعد في تنظيم العلاقات بين الكثير من الشّباب والشّابات، ولكنني لا ألبس الحجاب حتّى يحصل هذا التّنظيم. لانّني قد أغادر بيئتي يوماً، وأجد أنّ العلاقات لا زالت منظّمة في بعض الدول والأماكن دون حجاب. إذاً التّنظيم وغضّ البصر هي نتائج، وليست أسباباً. البسي الحجاب للسّبب الصّحيح حتى تستشعري جماله.

- ارتداء الحجاب منعاً "للأفكار الجنسيّة" من الجنسين، سيجعل المحجبة تفكر في ذلك طيلة الوقت وكيف تحمي نفسها من ذلك، وسيجعل كل من يراها يتذكّر تلك الفكرة وكيف يجد حلّاً لذلك، طيلة الوقت. أنا ألبسه تقرّباً لله. أليس أجمل تذكيرٍ لنفسي ولغيري بهذه النّطقة، طوال الوقت؟

- حبّي لحجابي جعلني أريد تصميم ملابسي بيدي، أختار القماش والألوان والنّقوش، استمتع به كلّ صباح. لو لبسته فقط "للحماية" من العيون وليس حبّاً وإيماناً، للبست أيّ قطعة قماش عريضة ولففتها حولي.

- لنقل أنّه في يوم ما أصابني الشّك في ارتدائه في بلد لا ينظر الماشي للآخر، فلماذا ألبس عنهم الحجاب؟ أقول لنفسي حينها "حتّى وإن لم أفهم مغزى الحِجاب، أريد أمراً واحداً أقابل به ربّي وأقول له أطعتُكَ في هذه رغم ضيق صدري، أطعتك رغبةً في جنّتك، وثقةً في حكمك، وخضوعاً لأمرك". وأذكّر نفسي "وهل فرض الله أيّ أمرٍ قط مؤذٍ للإنسان؟ أَأَترك كلّ أمر وأخوض في الحجاب؟"، هو ثغري ..

- أتدركون قوّة تلك الفتاة التي تمشي متجهة لعملها محققةً نجاحاتها رغم كلّ العيون السّوداء التي تحدّق بِها؟ تلقّبها بالمتخلّفة؟ بالزّوجة الخامسة؟ بالعقليّة القديمة؟ بالرّجعيّة؟ أتدركون أثر هذه القوّة على كلّ تفاصيل حياة تلك الفتاة؟ قوّتها في الدّفاع عن مبدئها، ورغبتها، وإيمانها أو حتّى عن فكرة مشروع جديد تحمله. فهي تنفّست التّحدي، وعاشت بِه، ويجري بِها مجرى الدّم.

الصّدق، الأمانة، الإخلاص .. أخلاق موجودة قبل الإسلام .. و"تمّمها" الإسلام وأضاف إليها.. هي ليست حكراً على المسلم دون غيره ولا المحجّبة دون غيرها..
ولكنّ لكلّ منّا أسلوبه في التّقرّب إلى الله.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.