في فقه الغاية والوسيلة: عندما يكون الوطن الوسيلة لغايات المواطن

العبارة الشائعة لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة كانت وتستمر لتكون آحجية المنطق والمنطقة . الا في الحال الفلسطيني ، فنحن دائما نتغلب على المنطق ونمنطق اللا منطق ، فأصبحت الوسيلة هي غايتنا . على سبيل المثال ، عندما “قبلنا” بأوسلو ، أقنعونا ان الغاية تبرر الوسيلة . فأوسلو كانت الوسيلة للعبور الى غايتنا وهو التحرير. واليوم..

العبارة الشائعة لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة كانت وتستمر لتكون آحجية المنطق والمنطقة . الا في الحال الفلسطيني ، فنحن دائما نتغلب على المنطق ونمنطق اللا منطق ، فأصبحت الوسيلة هي غايتنا .

على سبيل المثال ، عندما “قبلنا” بأوسلو ، أقنعونا ان الغاية تبرر الوسيلة . فأوسلو كانت الوسيلة للعبور الى غايتنا وهو التحرير. واليوم ، وما من داعي للشرح الكثير . أصبحت اوسلو هي الغاية.

واستمرت المسرحية التي اصبحت فيها الغاية هي الوسيلة ، حتي اصبح السلام هو الغاية ، وامن الاسرائيلي هو الغاية، والعبور من حاجز الى آخر (التصريح) هو الغاية، وامكانية التنقل الى الخارج هي الغاية ، و”موطني” هي الغاية…

كنت أتمنى ان يكون انتقادي للحالة التي خرجت بصدد نشيد موطني خطأ . انتظرت خروج النشيد من افواه الشعب الذي يستغيث بكلمات نشيد تحرره ويطيق الى فك قيد تبعثره كلمات . ولكن النتيجة كانت ان “موطني” بكل من رعاه كان غاية لمن اراد الظهور ولفت الانتباه . وكأنه لا يكفينا كل اولئك “المتعربشون” على هوامش هذا الوطن الذي لم يتبق منه الا الهامش . كان تلفزيون فلسطين من بث المباشر من الحدث العظيم في طريقة تبعها كل شيء الا التناغم . كان هناك سباق للمذيعين بالظهوركما كان هناك سباق للمنشدين والمغنيين. وكأن النشيد في حد ذاته صار الوسيلة لكي يصل كل صاحب غاية غايته. فتسابقت شركات الاعلان وصار موطني علامة تجارية للترويج الذاتي . الكل في سباق من اجل تحرير وهمي ربما عن وعي بان الحال لن يتغير . وان الوطن لم يبق منه الا بضع كلمات نغنيها من نشيد عتيق.

فبدلا من التجمهر بالشوارع واحتشاد الاصوات لتصدح الهواء المحاصر بالاحتلال ،بقي باب العامود يتيما بينما ازدحمت القاعة بمكان ما . فالمطر يعطل الحناجر . ورام الله عرابة المقاومة السلمية أطلقت في “دوار” صار يسمى “ميدان عرفات”. لتصاحب الاسماء وقع الاحتفالات وكأنها هكذا تضفي شرعية واستحقاق وتخرس الافواه المستغربة . حدث رمزي كان من الممكن ان يعبر عن الكثير ولكنه تحول ليترجم الحال الحقيقي لمن يعيش على هذا الوطن وكأنه مستوطن. وكأن الوطن شعار يستخدمه وشمعة يقف فيها امام مذبح غفران.

ويبقى الحدث مهما ، ولكنه كان مهما في حيز المجموعة والشخص او العائلة . لم يكن في حيز الحدث التوحدي الذي أريد له . المشكلة في سباقنا نحو وسائل نصنع منها غايات وننسى اننا أمام غاية هي التحرر.

ولم أعد اجرؤ او افكر او اتجرأ حتى على استخدام عبارة تحرير الأرض لانها لم تعد . فنحن في داخل الوطن وبداخل التقسيم والتفريغ والتشريد منقسمون داخل اوطان لم تعد تتعد الشارع الذي نعيشه في احسن تقدير .

ليتنا نتعلم من أعدائنا . فغايتهم وطن تتعدد فيه الوسائل . وطن بنوه على جثاميننا قبل اراضينا ويحصلون عليه لأنه هو الغاية . أما نحن فنصر على نصيب الاستحسان مما يرمى الينا من فتات تراب الوطن حتى صار النشيد هو عنوان صمودنا ….

وفوق كل هذا لا اعرف ان كنا نعرف في مجملنا بأن “موطني” هو ليس النشيد الوطني الفلسطيني الرسمي . ومع حبي الخالص للنشيد ولعظمة من خط كلماته واعتزازي به نشيدا ولحنا ، الا انه لربما كان من الاولى وفي هذا الوقت بالذات ، استخدام النشيد الوطني المعتمد لنا من قبل سلطتنا الغراء ” فدائي” . مع التأكيد انني على المستوى الشخصي كنت أفضل ان يكون موطني هو النشيد الوطني الفلسطيني لما يتضمنه من عبارات تجعل الوطن أكبر من المساحة وقومي الخواص . ولكن ربما في هذا الوقت بالذات كل واهم ما نحتاج اليه النشيد المعتمد الذي تقول كلماته :

فدائي فدائي فدائي ……… .يا ارضي يا ارض الجدود……يا شعبي يا شعب الخلود

.بعزمي وناري وبركان ثاري…….وأشواق دمي لأرضي وداري.

صعدت الجبال وخضت النضال….. قهرت المحال حطمت القيود.

فدائي…فدائي…فدائي…..

بعصف الرياح ونار السلاح….. واصرار شعبي لخوض الكفاح….فلسطين داري ودرب انتصاري

بحق القسم تحت ظل العلم…. بأرضي وشعبي ونار الألم… سأحيا فدائي وأمضي فدائي…واقضي فدائي الى ان اعود.

فدائي فدائي فدائي…يا ارضي يا ارض الجدود…

يا شعبي يا شعب الخلود…

فبينما الفدائي اليوم رجع فعلا ليتمثل امامنا بشاب عشريني واقل يفدي حياته من اجل وطن عاش بداخله بحق . اوسبعينية بالكاد تعرف القيادة تجعل من جسدها اختراقا لرصاصات الظلم والعدوان . او فتاة تحمل الحجر ويصرخ جسدها منتفضا فداءا للحرية . او طفل لم يتعد من السنوات الخمس او الست يتصدى لجندي مدجج فداءا لوطن مدجج بداخله … بينما يتم قنص ابنائنا بعنجهية وكره وحقد لتسقي دماء اجسادهم تراب الوطن الذي كدرته نفوسنا وحياتنا الهزيلة الضعيفة المستكينة لحال خالي من الكرامة والعز مليء بالذل والهوان .

ندافع عن من خرج لنشيد موطني وكأن به الوطن . ونتفادى التعامل مع الحقيقة ونصر على الرضوخ لواقع حتى النشيد الوطني نبتعد عنه ليصبح ” الفدائي” في اعز حالاته فريق كرة القدم .

يا هزلية واقعنا …

الذي نصر الاستمرار فيه …فرأفة بالله عليكم بالتراب الذي تغطون رؤوسكم به ، لأنه معطر بدم الشهداء الذين تتغنون بهم من أجل نشوة تبغونها بأغنية تعيد لكم الوطن…

ولن أستغرب يوم تصبح “إزرع زيتون ازرع تفاح ” هي النشيد الوطني القادم

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.